نظم مركز البحوث والتواصل المعرفي في مقره بالرياض ندوة حوارية الثلاثاء الماضي 28 ربيع الأول 1446هـ (1 أكتوبر 2024م)، حول رواية «بكين بكين» بمشاركة مؤلفها الروائي الصيني العالمي شيو تسي تشين، وحضور مجموعة من المثقفين والأدباء والناشرين السعوديين والصينيين، وغيرهم.
وبدأت فعاليات الندوة التي افتتحها مدير إدارة البحوث بالمركز الدكتور علي الخشيبان بمقدِّمة قصيرة، ألقى بعدها رئيس المركز الدكتور يحيى بن جنيد كلمة ترحيبية بالروائي الصيني والوفد المصاحب له، ثم بعد ذلك ألقت يانغ شوي (مريم) ورقة تعريفية بالروائي الصيني تشين.
وتضمَّنت ورقة شوي تعريفاً بالروائي؛ بوصفه أحد أبرز الكتاب والأدباء الصينيين المعاصرين، وتطرَّقت إلى حصوله على جائزة «ماو دون” الأدبية التي تُعدُّ أعلى جائزة في الأدب الصيني. وأشارت إلى أعماله الأدبية “رحلة إلى الشمال»، و«القدس»، و«وانغ تشنغ روهاي»، و«القطار الليلي»، و«بكين بكين»، وغيرها.
وأوضحت الورقة أنَّ تشين فاز بجائزة «ليو شيون» للأدب، كما حصلت روايته «القدس» على جائزة “لاو شه” للأدب، ونالت روايته «رحلة إلى الشمال» جائزة «أفضل الأعمال الأدبية» من دائرة الإعلام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، ثم فازت روايته «جبل يو قونغ شان» بجائزة «يو دا فو» للرواية، وتُرجمت أعماله السردية إلى أكثر من 12 لغة.
ومن الجانب السعودي قدّم الباحث بالمركز عبدالواحد الأنصاري قراءة نقدية حملت عنوان «السعي الدائري في رواية بكين بكين»، تحدَّث فيها عن معوِّقات مقاربة القارئ العربي للأدب الصيني المترجم، مبيناً أنَّه اختار لورقته عنوان «السعي الدائريِّ»؛ لأنَّ حكاية الأبطال في الرواية تشكِّل بنية دائرية تتنقل بين السجون، والشوارع، والمخالفات القانونية.
وأوضح الأنصاري أنَّه يمكن مقاربة اهتمامات رواية «بكين بكين» من نافذتين، إحداهما مرتبطة بالجيل الروائي الذي ينتمي إليه تشين، وهو جيل روائيي ما بعد السبعينيات في الصين، وكذلك من نافذة الرواية نفسها، التي تعرض تجارب بائعي الإسطوانات المزيفة في أسواق «تشون قوان تسون» في العاصمة بكين.
ولاحظت الورقة ملحظاً اجتماعيَّاً، وهو ندرة النساء وكثرة الرجال في الصين، «فالمرأة، وخصوصاً الشابة، تظهر كأنما هي (ملكة نحل) وسط حشد كبير من الذكور يحومون حولها، ولعل لهذا علاقة وطيدة بعاملين أساسيين، هما: التقاليد الشرقية التي تفرض على النساء قدراً معيناً من الامتناع عن الرجال، وتوجب عليهم المحافظة على الكياسة والكرامة، بحيث تؤدِّي نتائج ذلك أحياناً إلى عكس المعادلة. وأما العامل الآخر فهو أنَّ وفرة الرجال في الصين، بسبب خيارات الإنجاب التي تستبعد الإناث غالباً، وترجِّح كفة الأنثى، وتجعل الذكر هو الطرف الأضعف في العلاقة بين الجنسين».
وأوصت الورقة بأهمية دراسة الأدب الصيني ومتابعة تياراته ومدارسه وأعلامه، ومراعاة أوجه تشابه المجتمعات العربية والصينية من خلال رصدها في الظواهر الأدبية لدى الجانبين.
وألقى مترجم رواية «بكين بكين» الدكتور يحيى مختار كلمة تطرَّق فيها إلى تحدِّيات الترجمة من اللغة الصينية إلى اللغة العربية، خصوصاً فيما يتعلَّق بأسماء المؤلفين وترجمة عناوين الروايات، وبيَّن أنَّ رواية «بكين بكين» جرى تغيير عنوانها في نسختها العربية إلى ما يناسب القارئ، والشارع العربي، الذي يحتاج إلى تقريب العمل الأدبي الصيني إليه بطريقة تمكِّنه من قراءته قراءة مثمرة يتحقق بها التواصل المعرفي والثقافي بين الشعوب، وليمكن نقل الأفكار الأساسية في الأدب الصيني إلى القارئ العربي.
وأفاد الدكتور يحيى مختار بأنَّ شخصيات رواية «بكين بكين» واصلت حضورها في أعمال الروائي تشين، التي ترجمها هو أيضاً إلى العربية، وهي «لقاء في بكين»، و«حكايات من ضاحية بكين».
وانتقل الحديث إلى الروائي الصيني شيو تسي تشين، الذي عرَّف بالفئة الاجتماعية التي عالجت روايته «بكين بكين» قضاياها، وهي الفئة المهاجرة من أرياف الصين ومحافظاتها ومناطقها الأخرى إلى بكين، ممن لم تكن الفرص الوظيفية متاحة لهم في السابق، وقبل مرحلة التحوُّل الإيجابي الجديدة في الصين، لافتاً إلى أنَّ اهتمامات روايته ليست سياسية بقدر ما هي تتعلَّق بنوع معين وشريحة معينة من المجتمع، عاش المؤلف تجاربه معهم، وجمعته بهم ظروف الحياة، وتقلباتها، في أثناء دراسته وعمله في الصين، فصيَّرهم أبطالاً من لحم ودم، وعمََر بهم أجواء رواياته. منبهاً إلى أنَّ ظاهرة “بائعي الأسطوانات المقلَّدة” اختفت من الصين، بعد تطبيقها اتفاقيات حقوق الملكية، وأن الرواية إنما كانت ترصد فئة اجتماعية أوجدتها ظروف صعبة، وتلك الظروف قد تجاوزتها الصين الحديثة، وعاصمتها الحديثة بكين.
بعد ذلك أتيح المجال لمداخلات المشاركين والحاضرين، ومنها مداخلة الروائي عبده خال، والدكتور صالح معيض الغامدي، والدكتور إبراهيم الفريح، والدكتور حسين الحسن، والروائي حسين علي حسين، والقاص خالد الداموك.
يذكر أنَّ اللقاء الذي أقيم في مقر المركز حضرته شخصيات ثقافية وأدبية من الصين والسعودية، من بينهم أستاذ اللغة العربية بجامعة بكين شوي شين قوا (بسام)، والسيدة قوان هونغ نائبة المدير العام لدار إنتركونتيننتال الصينية وفريق النشر في الدار، ومدير التحرير في صحيفة الرياض عبدالله الحسني، والدكتور راشد القحطاني، والدكتور فهد الشريف، وعضو مجلس الشورى السابق الدكتور إبراهيم النحاس، والكاتب محمد القشعمي، والروائي عبدالعزيز الصقعبي، والقاص خالد اليوسف، وأحمد بن هزاع الشنبري، إضافة إلى عدد من باحثي المركز ومنسوبيه.
0 تعليق