منذ قرابة خمسة عقود تعاهدَ بعضُ الباحثين الغربيين المنصفين الأدبَ الموريسكي بالعناية والدَّرْس، ليصبح فنًّا جديدَا عُرف باسم “الموريسكولوجيا”، يهتم بما لم يكن محلَّ عناية الباحثين العرب والمسلمين أنفسهم، إذ انكبَّ النابهون من هؤلاء الغربيين على توثيق النتاج الأدبي المخطوط لتلك الحقبة المؤلمة التي شهدت أفظعَ الانتهاكات والجرائم الإنسانية في حق الأقليات على مدار التاريخ. وفي عام 2009 م، وبعد مرور أربعة قرون على تلك المأساة، ظهر الزخم الإعلامي للمسألة الموريسكية معزِّزًا جانبَ الاهتمام الأكاديمي، ومنذئذ لم تعد تلك المسألة بكاء على الأطلال فحسب.
والأستاذة لوثي لوبيث بارالت من هؤلاء النابهين، وقد قررت أن تحترم الذاكرةَ الإسلامية لدى تلك الشريحة على الرغم من إيمانها بأن كثيرًا منهم ليسوا مسلمين، فجاء عنوانُ كتابها على هذا النحو. ولم يكن عملها سهلاً، لكنَّ سعيَها الحثيث إلى إبراز الحقائق، ورؤيتها الموضوعية الواضحة، ومنهجها العلمي الرصين، وتناغمها اللامحدود مع أجيال الباحثين واستقطابها للمهرة والجادِّين منهم.. لإبراز أدب الموريسكيين الأندلسيين، مثَّل ذلك كلُّه أدواتٍ حاسمة تُعينُها على إنجاز هذا المحتوى السَّخِيّ الرائع.
وإيمانًا من مركز البحوث والتواصل المعرفي بقضية الإسهام الفاعل في أدبيات التواصل المعرفي بعموم، وبأهمية المسألة الموريسكية على وجه الخصوص؛ عَمِلَ على تقديم وطباعة هذا العمل الذي يأمل أن تكون نسخته العربية إضافة حقيقية للقارئ العربي، وملبية لحاجة الباحثين العرب والمستعربين، وألا تكون وقفتهم على هوية الأدب الموريسكي مجردَ وقفة نائح يبكي على أطلال الفردوس المفقود!!