قَرَّ عند العالِـمين أنّ نسخة كتابِ «اشتقاق أسماء الله -جلّ وعزّ-» لأبي جعفر النّحّاس، من المخطوطات العُتُق النّادرة التي كشفْنا خَبْأَها، وحملْنا عِبْئَها، ولم تكنْ معْلومةً قطُّ إلاّ في لوائح الْعَزْوِ في مراسِم التّراجم، وقدْ ظفرْنا منْ مآخذِ المؤلّف بغيْر واحدٍ لمْ ينُصَّ على تسْميتِه، فكانتْ لنا عَوْناً في حلّ بعض مُغْلَقَات النّسْخة وتلافي ما حَاقَ بها، وهو مَرْكَبٌ صعْبٌ كما يُعْلم.
والنّحّاسُ بعْدَ هذا مُجَلٍّ في حلْبةِ رجالِ اللّغة الأفذاذ، أولئك الذين حَلَّوْا جِيدَ الْقرْن الرّابع على تزاحُمِ دُرَرِه وكثْرتِها، واصْطكاكِ رُكَبِ الرّؤساء بعْضِهم ببعض، وهلْ لنا مَعْدىً عنِ الْإقْرار بذلك، أنْ كانَ خاصيَّ المنْزع، مجْدوداً في التّأليف، مُقَرْطِساً لأهدافه؟!.
فليس بخافٍ إذن، أنّ كتابَه هذا أصْلٌ من الأصول المتقدّمة في شرْح معاني أسْماء الله على نمطِ أهْل الحديث، حَشَرَه بالآثار المسْنَدَة، ونَقَلَ عنْ أصُول مفْقودةٍ نادرة، وظَهَرَ فيه دَفْعُهُ في صُدُور أهْل الرّأْي ومُنَابَذَتُهُ لطرائقهم، وحَمِيّتُه واحْتفالُه بما صحَّ من السّنّةِ ونصْرُهُ لها، حتى قال الزُّبيْديُّ الإشبيليُّ عنه، إنّه: كتابٌ “أحْسَنَ فيه، ونَزَعَ في صَدْرِه لاتّباعِ السّنّة والانْقيادِ للآثار”.