يعد موضوع الاجتماع الديني من الموضوعات المهمة في دراسة الظواهر الدينية، ومحاولة كشف الأسباب الكامنة وراء تلك التحولات التي تشهدها مجتمعاتنا المعاصرة، وما يزال هذا الموضوع؛ على أهميته، بعيدًا عن تناول الباحثين ومقارباتهم الدينية والاجتماعية، والمتأمل في التحولات الاجتماعية في مجتمعاتنا الراهنة يلحظ بوضوح التفاعل الكبير بين الدين والظواهر الاجتماعية، واختباء كل واحد في عباءة الآخر، ونحن ندرس تلك الظواهر؛ لا نعرف مدى تأثير المقدس والسلطة والعرف والعادة والمجال العام والفعل المجتمعي في إنتاج حالة دينية جديدة قد تخرج إلى السطح بمسميات عديدة. ولا أظن أحدًا يستطيع الإنكار أن منتجات الحداثة، والتقنية المتشعبة في مفاصل الحياة، وإدمان المجتمع على مواقع التواصل الاجتماعي، وخضوعه لكل مستجدات السياسة والاقتصاد وآثارهما عليه، قد أسهم بشكل كبير في إحداث تغيرات اجتماعية ودينية كبيرة في أوقات قصيرة الأمد، ما كانت لتحدث لولا تلك لمعطيات المكثفة والساحرة.
وفي هذه الأوراق أحاول أن أقدم مقدمات أوليّة لفهم تلك التحولات الاجتماعية من خلال مقاربة تلك التحولات بعلم مقاصد الشريعة.