احتكر الإنجليز في الهند وسيرلانكا تجارة الشاي كعادتهم مع ثروات الأمم الضعيفة، وبرز منهم أسماء مثل توماس ليبتون الذي أثرى بسبب الشاي، وهو يؤمن بالدعاية ولو على ذيل خنزير أو في صفيحة رقيقة من سفينة أثقلتها حمولتها في عرض البحر؛ وينصح أيّ مستثمر بأن يعلن قدر المستطاع، ولكن بعد أن يتأكد من أنه يعلن عن شيء جيد، وصارت سيرلانكا مستعمرة ليبتون الذي اشترى جلّ أراضيها الزراعية، وصدّر منتجاته في علب معدنية بعد خلطها من منتجات عدة مزارع، ومن ثرائه اشترى يختًا فالتصق بالملك إدوارد الثامن المغرم باليخوت، وصار صديقًا فكِهًا له.
ومع أن الصينيين لا يطلعون أحدًا على أسرار صناعتهم القيمة، استطاع الأوروبيون سرقة أسرارها، وتأسست عند تلال جبال الهملايا أكبر المزارع لأجود أنواع الشاي، وكانت خالصة لإمداد السوق البريطاني قبل أن يستحوذ الهنود على أكثر إنتاجهم بعد أكثر من قرن، فأفاد الإنجليز من محصول سيرلانكا الذي لا يستهلك محليًا، وكانوا قد استعدوا من قبل فنقلوا زراعة الشاي إلى كينيا وشرق أفريقيا لما فيها من مرتفعات وغزارة أمطار؛ لتكون بديلًا عن الهند المعرضة لاضطرابات سياسية، وهذه من عادات المحتل الأبيض أن يمتصّ خيرات البلد فلا يدعه إلّا مضطرًا بعد تخريبه.