«إشكاليات الترجمة من الصينية إلى العربية من واقع الأدب النثري والروائي» كتاب أصدره مؤخرًا مركز البحوث والتواصل المعرفي، وهو من إعداد الدكتور ياسر عبدالله السرحان، الذي يقول في مقدمته: «لقد شرعت الصِّين بقوة في العمل على نشر اللغة الصِّينيَّة والتعريف بها. وذلك – لا شك – إحدى أدوات نقل المعرفة، ومن منطلق صيرورة الثقافة نمط حياة للأفراد، ورافدًا أساسيّاً للنمو الاقتصادي، بدا تعزيز التواصل الثقافي بين الصِّين ودول العالم، ولاسيَّما العالم العربي، محطَّ اهتمام وجسرًا قويّاً لبناء التعاون الاقتصادي بين الأطراف المتثاقفة، بيد أنَّ تلك العزيمة قاومتها
تحدِّيات لا تقلُّ خطرًا عن المعوقات السياسيَّة والاقتصاديَّة».
وتلك التحديات يختصرها الكتاب في ثلاثة أمور، أولها تحدٍّ وهمي يتمثل في البعد الجغرافي بين الصين والعالم العربي، وقد تخطته فرص التواصل الثقافي في العصر الحاضر، ومستجدَّات الحضارة في كوكب الأرض، لكن هذا التحدِّي المزعوم ظلَّ باقيًا مسيطرًا على عقلية العربي أمدًا طويلاً.
أمَّا التحديان الجديران بالنظر والدراسة، فيتمثل أولهما في صعوبات ذاتية توصف بها اللغة الصِّينيَّة. ومن الحقائق الأكيدة، أنَّ ازدهار أي لغة لا يكون إلا على حساب أخرى، وقد ازدهرت الإسبانيَّة بعد الحرب العالميَّة الأولى.. والصِّينيَّة والعربيَّة بعد الحرب العالميَّة الثانية. ولو انتقلنا إلى لغات حديثة زمنيّاً لشاهدنا ازديادًا في قوة الشخصية وعدد المتكلمين كما في الإنجليزيَّة والفرنسيَّة اللتين اكتسبتا متكلمين جددًا عن طريق الامتصاص من ناحية، والنمو الطبيعي من ناحية أخرى.
أمَّا الصِّينيَّة في رأي اللغويين المحدثين، فيرجع التزايد العددي لمتكلميها إلى سبب واحد، وهو النمو السكاني الهائل. وعلى عكس الإنجليزيَّة والفرنسيَّة.. والعربيَّة في درجة قوة الشخصيَّة يرى ماريو باي الصِّينيَّة، على الرغم من كثرة متكلميها لغة مقيَّدة إلى حدٍّ كبير بمناطقها المحليَّة.
ومن سياق التحديات التي تقف حجر عثرة أمام اللغة الصِّينيَّة أنَّ لهجاتها كثيرًا ما يفشل المتكلمون بها أن يجدوا صيغة مشتركة للتفاهم على الرغم من أنهم تجمعهم طريقة واحدة للكتاب. وأمَّا ثاني التحديين فإنه يتمثل في المركزيَّة الأوروبيَّة وهيمنتها على الشأن الثقافي العربي، والوصاية الإنجليزيَّة على لغات الأرض، وهي حقيقة لا يمكننا إخفاؤها.