إذا قارنّا النشر اليوم بالنشر في بداية ظهور المجلات العلمية خلال القرن السابع عشر في أوروبا، فإننا نقف على فوارق مهمة، منها أنَّ أصحاب القرار في العهد الأول كانوا علماء تجمعهم هيئات، مثل: الأكاديميات والجمعيات العلمية، وكانوا شديدي الحرص على نوعية الأبحاث، وكانون يحسنون فن التقييم ومراجعة البحوث، وتفحصها قبل النشر.
ولذلك كانت تلك الأبحاث رفيعة المستوى برغم أنَّ أعضاء هيئة التحرير لكلِّ مجلة كانوا في أغلب الأحيان من البلد الذي تصدر فيه المجلة. وكانت البحوث تُنشر -آنذاك- للتعريف بالجديد في المجال العلمي والفكري، فتبرز مكانة أولئك العلماء المتنافسين عبر البلدان الأوروبية.
وما كان يميّزها بالنسبة إلى ما نشهده اليوم هو أنَّ الهدف من نشرها لم يكن هدفًا ماديًّا. أما الغالبية الساحقة ممن ينشرون اليوم فهم موظفون يضطرون إلى النشر السريع للحفاظ على مناصبهم أو للحصول على ترقيات أو نيل شهادات جامعية. ذلك ما يدفع المعنيين إلى التهافت على النشر في المجلات الأكاديمية دون إتقان أعمالهم ودون انتظار نضج أفكارهم.