انتشرت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل سريع، وأسهم هذا الانتشار في تسهيل المشاركة والاطلاع، وهذا ما جعــــلنا تائهين وغير قادرين على التواصل المباشر، ومحــــكوم علينا بعدم الفهــــم المتبادل، مثل ما حدث بعد انهيار برج بابل. فقد أضعفت وسائل التواصل الاجتماعي القوى الثلاث التي حدَّدها علماء الاجتمـــــاع، والتي تربــــط مجتمعـــــةً الديمقراطيات الناجحـــــة؛ وهي رأس المـــــال الاجتمــــاعي (شبكات اجتماعية واسعة بمستويات عالية الثقة)، ومؤسسات قوية، وقصص مشتركة. وقد أفضى إدمان وسائل التواصل الاجتماعي إلى إهدار وقت الناس، وفقدان ثقتهم بالمؤسسات والقادة والسلطات، فأدى ذلك إلى أن أصبح كلُّ قرار في الدولة موضعًا للطعن، ومن ثَمَّ تآكلت الثقة بالحكومة ووسائل الإعلام الإخبارية والأشخاص والمؤسسات بشكل عام.
إنَّ وسائل التواصل الاجتماعي منحت صوتًا لمن كان صوته خافتًا، وسهَّلت محاسبة الأقوياء على آثامهم، ليس في السياسة فقط، وإنما في كل مجالات الحياة، وهذا أمر حسن، إلا أنَّ هذه الوسائل تتصف بالالتواء الذي جلب الظلم والخلل السياسي والمجتمعي.