طبعة ثالثة لكتاب “عرب وسط آسيا في أفغانستان”
صدر حديثًا عن مركز البحوث والتواصل المعرفي، الطبعة الثالثة المُنقحة والمزيدة من ترجمة كتاب توماس جي. بارفيلد “عرب وسط آسيا في أفغانستان: التحوّل في نظام الرعي البدوي”، من ترجمة محمد بن عودة المحيميد، ومراجعة الدكتور محمد عبدالواحد السيد – رحمه الله-.
واشتمل الكتاب على ستة فصول بالإضافة إلى المقدمات والخاتمة والمراجع وملحق الخرائط والأشكال والجداول، حيث بحثت مقدمة المؤلف مشكلات البداوة الصرفة، ثم الخلفية التاريخية والبيئية لعرب وسط آسيا في الفصل الأول، فنظام الرعي البدوي في منطقة قَطَغن في الفصل الثاني، في حين جاء الفصل الثالث عن التنظيم الاجتماعي لعرب وسط آسيا: تراجع العشيرة، ليكون الفصل الرابع عن دور العرب في الاقتصاد المحليّ، بعدها جاء الفصل الخامس عن تحويل النظام الرعوي إلى نظام تجاري وأثره في العرب، مختتمًا توماس بارفيلد فصول البحث بـ “عرب وسط آسيا والمؤسسات الوطنية”.
ويتناول هذا الكتاب الذي قدّم كبحث لنيل درجة الدكتوراه بجامعة هارفرد عام 1978م، حياة مجموعة من البدو الرعاة في وسط آسيا بشمال أفغانستان، المنتسبين إلى العرب، الذين يتنقلون بأغنامهم في كل فصل من فصول السنة من وادي “إمام صاحب”، إلى سهوب قَطَغن، ثم إلى مرتفعات بدخشان لمرعى الصيف، مع رصد تكّيفهم أمام الظروف المحيطة والبيئة، والتحوّل في النظام الرعوي من اقتصاد موجه للأغراض المعيشية إلى اقتصاد موجه للأغراض التجارية.
وتعتقد هذه الدراسة حسب آراء عرب وسط آسيا أنهم من السلالات العربية الأولى التي قدمت بالدين الإسلامي إلى تلك الديار، أو من العرب الذين أحضرهم تيمور لنك إلى هناك بعد أن استولى على دمشق، فبقوا بوسط آسيا -أفغانستان خصوصا – يرحلون مسافات طويلة طلبًا للكلأ، مع أنهم، مثل غيرهم من سكان منطقة قَطَغن، بدأوا بتنويع أعمالهم بعد التنمية التي شملت منطقتهم، حيث اشتغلوا بزراعة القطن والاستثمار في حواضر تلك المنطقة، ولكنهم لم يتخلوا أبدًا عن امتهان الرعي.
ولا يقصر الباحث دراسته على هذه المجموعة الموجودة في أفغانستان، ولو أنها المحور الرئيس لدراسته، فهو يعود إلى الخلف ليلقي الضوء على تاريخ هذه المجموعة، والهجرات التي قامت بها، ويحدثنا عن تاريخ العرب في وسط آسيا عمومًا، ويستعرض الدراسات والإحصاءات المتعلقة بها.
ويرى المترجم محمد بن عودة المحيميد أن هذا الكتاب، بحول الله، سيكون إضافة جديدة إلى المكتبة العربية حول البدو عمومًا، تبيّن على وجه الخصوص أحوال أناس بدو يمتهنون الرعي، وتلقي الضوء على حياتهم، وتداخلهم مع المجموعات الأخرى المحيطة بهم، ومع الحكومة الأفغانية واقتصادها الرعوي، وتأثيرهم في السوق والاقتصاد الأفغاني، ومدى تأثرهم بالتغيرات التي طرأت على منطقة قَطَغن خلال الخمسين سنة الماضية، وكما هو (الكتاب) مهمّ للدارس المتخصص فهو ممتع ومسلّ للقارئ العادي، حيث أنه بمثابة دراسة وصفية تشبه الرواية.