الحوار بين أتباع الأديان والثقافات
أقام مركز البحوث والتواصل المعرفي، أمس الأول، حلقة نقاش بعنوان “جدوى الحوار بين أتباع الأديان والحضارات في ظل عالم مضطرب”، تحدث فيها معالي الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات “كايسيد” الأستاذ فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، وأدارها رئيس المركز الدكتور يحيى محمود بن جنيد.
وتحدث بن معمر عن مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات “كايسيد”، نشأته، ونشاطاته وجهوده، وبرامجه ورؤاه للمستقبل القريب، منوهًا بالعناية الفائقة بهذا المشروع من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع –حفظهما الله-ودعمهما إياه دعماً منقطع النظير.
كما سرَد بإيجاز نشأة الحوار بين أتباع الأديان والثقافات وإرهاصاتها الأولى، وأنها منظومة بدأت في الغرب، وتأسست بعد الحرب الأهلية في أمريكا بين الأديان والثقافات التي نشأت أمريكا في أحضانها، وبعدما انتهت الحرب العالمية التي شهدت إلقاء أمريكا القنبلتين الذريتين على ناجازاكي وهيروشيما، وُجد أمل جديد في تفعيل مسار الحوار بين أتباع الأديان عبر تأسيس مؤسسة عالمية هي (الدين من أجل السلام).
وأوضح أن البداية الأولى للحوار داخل المنظومة المسيحية الحديثة انطلقت عندما بادر الفاتيكان ممثَّلاً بالبابا بالانفتاح على الأديان الأخرى مطلع ستينيات القرن الميلادي الماضي، وقامت المملكة آنذاك بإيفاد وزير العدل الشيخ محمد بن علي الحركان إلى الفاتيكان لمقابلة البابا، وإجراء حوار من جهة المجتمع الإسلامي عن طريق السعودية.
وأشار بن معمر إلى وثيقة مكة التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، في الوقت الذي حدثت فيه مظاهرات بمناطق شتى من العالم الإسلامي، احتجاجاً على تصريحات بابا الفاتيكان بينيدكت السادس عشر، كما قطعت بعض المؤسسات الإسلامية العلاقات والاتصال مع الفاتكيان على إثرها، لكن الملك عبدالله رحمه الله أصرّ على الحوار بوصف ذلك الوقت وتلك الأحداث هي الأنسب لإطلاق الحوار والجدّية في تبنيه، فالمختلفون أشد الاختلاف هم أشد الناس احتياجاً إلى الحوار.
وأضاف: لقد أدرك رجال الدولة في المملكة العربية السعودية، وعلى رأسهم الأمير سعود الفيصل رحمه الله، أن المشكلات القائمة لن تحلها السياسة، بل يحلها الحوار، وبذلك كان الفيصل مهندس فكرة الحوار، الذي يراد له أن يكون طبعاً من طباع المجتمع، وأسلوب حياة.
وتابع ضيف الحلقة سرده التاريخي عن ترتيبات المملكة العربية السعودية لمؤتمرات الحوار في مدريد، ونيويورك، ثم فينا وجنيف، وتأسيس لجنة للتفكير في ديمومة الحوار، وما أدى إليه ذلك من انطلاق مبادرات الحوار في شتى أنحاء العالم، التي كانت غير خالية من الأخطاء، ولكنها تفتقت عن نتائج مبهرة.
وتطرق الأمين العام لمركز الحوار بين الأديان والثقافات إلى أن أبشع استغلال للدين كان استغلال الثورة الخمينية له، التي قادت إلى باب مسدود في الحوار بين المذاهب، حتى أصبح التنافس بين التابعين للثورة الخمينية وغيرهم على من يكون أكثر تشدداً، مشيراً إلى أن المحاولات التي بُذلت لتقريب وجهات النظر وتنفيذ النوايا الحسنة باءت بالإخفاق، بسبب تعنّت النظام الإيراني المتشدد.
وفي الختام أكدّ معالي الأستاذ فيصل بن معمر على الدعم القوي لعمل مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات “كايسيد” من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –رعاه الله-، الذي استقبل مؤخرًا أعضاء مجلس إدارة المركز المكوّن من ممثلي الديانات المتنوعة، وكذلك دعم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع –حفظه الله- لكافة نشاطات المركز الرامية لتعزيز المشتركات الإنسانية بين أتباع الأديان والثقافات، وتعميم السلام والتآلف بين أتباع الأديان والثقافات المتعددة.
حضر الحلقة جمع من الأساتذة الأكاديميين والباحثين والمثقفين، وأجاب معالي الأستاذ فيصل بن معمر على العديد من الأسئلة والمداخلات التي مدّت زمن الحلقة حتى ثلاث ساعات.