دراسة حول النشر المشترك وأثره في المشهد الصيني
الباحث لي شي جيون (لطيف):
” إسهامات كبيرة لمركز التواصل المعرفي في ترجمة الأعمال السعودية إلى الصينية”
أعدَّ الباحث الصيني المستعرب الدكتور لي شي جيون (لطيف) بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية دراسةً حول برنامج النشر المشترك بين مركز البحوث والتواصل المعرفي، ودور نشر ومؤسسات صينية، ومدى ما حققته الأعمال المترجمة من انتشار، مع خريطة لمبيعاتها، مقدِّمًا مقترحاتٍ لتفعيل الترجمة، والترويج لتلك الأعمال بشكل مؤثر.
وقدّمت الدراسة، التي وضع نتائجها في تقرير، صورةً عن الوسائل التي اتبعها مركز البحوث والتواصل المعرفي والمؤسسات الثقافية والعلمية الصينية المشاركة في مشروع النشر المشترك للإعلان عن الأعمال المترجمة، وبيعها عبر منافذ متعددِّة في البلدين، وتلمس طرائق الوصول إلى القراء المستهدفين في البلدين.
وأشار لطيف في مقدمته إلى (أنّ مركز البحوث والتواصل المعرفي قدّم، في السنوات الأخيرة، مساهماتٍ كبيرةً في الترجمة المتبادلة بين البلدين، بالشراكة مع عدد من دور النشر والمؤسسات الثقافية والعلمية في الصين، ومنها: دار إنتركونتننتال الصينية للنشر، ودار نشر جامعة بكين لإعداد المعلمين، وجمعية الصداقة العربية الصينية، وجمعية الصداقة للشعب الصيني مع البلدان الأجنبية، وكلية الدراسات العربية بجامعة الدراسات الأجنبية في بكين).
وأوضح أنَّ إجمالي عدد الكتب السعودية التي كان المركز قد أوصى بها الجانب الصيني بلغ (١٤) كتابًا، حتى يناير ٢٠٢٤م، منها ستة كتب منشورة من دار إنتركونتننتال الصينية، وهي: «غراميات شارع الأعشى» للدكتورة بدرية البشر، و«العصفورية» للدكتور غازي القصيبي، و«أن تبحر نحو الأبعاد» للدكتورة خيرية السقاف، و«غفوة ذات ظهيرة» للأديب عبدالعزيز الصقعبي، و«مدن تأكل العشب» للروائي عبده خال، و«١٠ سيناريوهات لتطور العلاقات بين السعودية والصين» للدكتور عبدالله الفرج، وثمانية كتب منشورة من دار نشر جامعة بكين لإعداد المعلمين، وهي: «عرق وطين» للقاص عبدالرحمن الشاعر، و«ثمن التضحية» للأديب حامد الدمنهوري، و«ثقب في رداء الليل» للروائي إبراهيم الناصر الحميدان، و«تطوُّر النقود في المملكة العربية السعودية» من إعداد البنك المركزي السعودي، و«بين الحقيقة والخيال.. روائع من موروثنا الشعبي» للكاتبة فاطمة البلوي، و«غدًا أنسى» للدكتورة أمل محمد شطا، و«حمزة شحاته: قمة عرفت ولم تكتشف» للأديب عزيز ضياء، و«ماما زبيدة» للأديب عزيز ضياء؛ مشيرًا إلى أنَّ هذه الكتب السعودية المترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الصينية جاءت ضمن البرنامج التنفيذي لمشروع النشر الصيني-السعودي للأعمال الكلاسيكية والحديثة الذي وُقَّعه الجانبان الصيني والسعودي في عام ٢٠١٦م.
وذكر لطيف أنَّ ثلاثة كتب، هي: «عرق وطين»، و«ثمن التضحية»، و«ثقب في رداء الليل»، مثّلت الدفعة الأولى من إنجازات المشروع؛ وفقًا لما أُشير إليه في مؤتمر مشروع النشر الصيني-السعودي للأعمال الكلاسيكية والحديثة الذي عُقِد في عام ٢٠١٩م.
أمَّا «١٠ سيناريوهات لتطور العلاقات بين السعودية والصين»، و«العصفورية»، و«بين الحقيقة والخيال روائع من موروثنا الشعبي»، و«تطوُّر النقود في المملكة العربية السعودية»، فتعدُّ الدفعة الثانية من إنجازات المرحلة الثانية من المشروع، التي دُشِّنت في مقر مركز البحوث والتواصل المعرفي عام ٢٠٢١م. ونُشرت الكتب الباقية على التوالي من الدارين المذكورتين، ونالت تقديرًا عاليًا، وحظيت بإقبال كبير من القرَّاء الصينيين.
وتضمّنت الدراسة إحصاءات حول مدى انتشار الترجمة الصينية لـ (١٤) عملاً سعوديّاً، من أجل فهم وضع النشر، وحجم المبيعات، وقنوات الترويج لها.
الكتب الأكثر مبيعًا
وتوصَّلت الدراسة إلى أنَّ الكتب الثلاثة المنشورة من دار نشر جامعة بكين لإعداد المعلمين: «ثمن التضحية» “1492 نسخة”، و«ثقب في رداء الليل» “1486 نسخة”، و«عرق وطين» “1471 نسخة”، حققت أعلى مبيعات، وأرجعت ذلك إلى (أنَّ هذه الكتب كانت من الدفعة الأولى لإنجازات المشروع). وفي الوقت نفسه جاءت مبيعات «ماما زبيدة» “368”، و«حمزة شحاته: قمة عرفت ولم تكتشف» “300 نسخة”، منخفضة نسبيّاً، (لأنهما كتابان جديدان نسبيّاً، إذ نُشرا في أبريل وأغسطس عام ٢٠٢٣م).
وتوصَّل الباحث إلى أنَّ (مبيعات الكتب الأربعة: «العصفورية» “1732 نسخة”، و«أن تبحر نحو الأبعاد» “1590 نسخة”، و«مدن تأكل العشب» “1361 نسخة”، و«غفوة ذات ظهيرة» “1283 نسخة”، وهي منشورة من دار إنتركونتننتال الصينية للنشر بلغت مبيعات كل منها أكثر من ١٠٠٠ نسخة)، مشيرًا إلى (أنَّ الأعمال الأدبية السعودية الممتازة تكون مقبولة، بل محبوبة من القراء الصينيين. ومن بين هذه الكتب الأربعة، احتلَّت رواية «العصفورية» المرتبة الأولى في المبيعات؛ لكونها من أفضل الروايات العربية في القرن العشرين، إذ تقع في المرتبة الـ٣٥ في قائمة أفضل مئة رواية عربية).
وسائل الترويج
وتناول د. لطيف وسائل الترويج المتبعة من الجانبين السعودي والصيني، فذكر أنَّ (كلٌّاً من مركز البحوث والتواصل المعرفي، ودار إنتركونتننتال الصينية للنشر، ودار نشر جامعة بكين لإعداد المعلمين أقاموا أنشطة مختلفة استهدافًا لتوسيع مدى انتشار الكتب وترويجها)، موضِّحًا توظيفها معارض الكتاب في البلدين، مثل: عقدها في معرض بكين الدولي للكتاب عام ٢٠١٩م، مؤتمر مشروع النشر الصيني-السعودي للأعمال الكلاسيكية والحديثة، ومكتبة الصداقة الصينية العربية، وحفل الإشهار والحوار الأكاديمي عن تبادل الحضارات الشرقية، وتركيز دار إنتركونتننتال الصينية للنشر خلال معرض بكين الدولي للكتاب عام ٢٠٢١م، في عرض منشورات مشروع النشر الصيني-السعودي للأعمال الكلاسيكية والحديثة من أجل تعزيز نشر الروايات السعودية الممتازة في الصين)، كما نوَّه بأنَّها أقامت (بالتعاون مع مركز البحوث والتواصل المعرفي، خلال معرض الرياض الدولي للكتاب عام ٢٠٢٢م، احتفالاً خاصّاً لمشروع النشر الصيني-السعودي للأعمال الكلاسيكية والحديثة، بهدف إظهار الأعمال المنشورة منذ إطلاق المشروع). وقد منحت دار إنتركونتننتال الصينية للنشر في الاحتفال جائزة «أفضل شريك خارجي» لمركز البحوث والتواصل المعرفي.
وقد أقامت دار نشر جامعة بكين لإعداد المعلمين، بالتعاون مع جمعية الصداقة للشعب الصيني مع الشعوب الأجنبية وجامعة الدراسات الأجنبية ببكين، حفل إشهار إصداراتها الجديدة ضمن برنامج مكتبة «الحزام والطريق» للصداقة الصينية العربية، وهي تغطي موضوعات متنوعة، بما في ذلك «حمزة شحاته: قمة عرفت ولم تكتشف».
ورصد د. لطيف جهود مركز البحوث والتواصل المعرفي في ترويج إصدارات مشروع النشر المشترك، ومنها (إقامة حفل تدشين المرحلة الثانية من مشروع النشر الصيني-السعودي للأعمال الكلاسيكية والحديثة في الرياض بحضور سعادة السفير الصيني لدى السعودية؛ وتنظيم الندوة العربية الصينية للتعاون والتبادل في مجال النشر في أكتوبر عام 2023م، إلى جانب إهدائه الزوَّار الصينيين نسخًا من الكتب المترجمة).
رسائل ماجستير ودكتوراه حول الأعمال المترجمة
وأظهرت الدراسة وجود بعض البحوث أو رسائل الماجستير والدكتوراه، التي تمحورت حول الرواية السعودية بالاعتماد على ترجمات مشروع النشر المشترك، ومنها رسالة ماجستير حول رواية «ماما زبيدة» للأديب عزيز ضياء، ناقشت عملية الترجمة بالتفاصيل، مع دراسة أساليب الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الصينية، كما أنَّ رسالة دكتوراه عن الأديب السعودي غازي القصيبي تضمّنت بابًا حول «العصفورية» على ضوء نظرية القيم الثقافية، وتناولت أطروحة دكتوراه بعنوان (الواقعية في سياق ما بعد الحداثة: دراسة روايات الروائي السعودي عبده خال) رواية «مدن تأكل العشب»؛ بوصفها من روائع المؤلفات الواقعية؛ لإظهار التغيُّرات الاجتماعية في السعودية.
وألقت أخبارٌ ومقالاتٌ وتقاريرٌ صحفيةٌ ولقاءاتٌ تلفزيونيةٌ صينيةٌ كثيرةٌ الضوءَ على مشروع النشر الصيني-السعودي للأعمال الكلاسيكية والحديثة، إلى جانب تناولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة الصينية.
خلاصة ومقترحات
وتوصلت دراسة د. لطيف إلى أنَّ (مشروع الترجمة والنشر بين السعودية والصين يتطَّور، وأصبح يرتاد آفاقًا واسعة، ولاسيَّما بعد توقيع الجانبين على برنامج تنفيذي للتعاون في مجالات الأدب والنشر والترجمة في إطار فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب عام2023م. ومن المتوقَّع استكمال المزيد من الترجمات لإبراز الصورة الحقيقية للسعودية، وتعزيز تأثيرها الثقافي والإنساني في القراء الصينيين عبر أعمال متميِّزة تعبِّر عن المجتمع السعودي).
وقدَّم الباحث عددًا من المقترحات لتفعيل الترجمة والترويج للإصدارات، ومنها:
- تنويع موضوعات الأعمال المختارة للترجمة، وألا تقتصر على المجال الأدبي، بل تمتد إلى مجالات الثقافة والتاريخ والحياة الاجتماعية وغيرها.
- دعم جهود نشر الأعمال المترجمة، وتنويع طرائق ترويجها.
- تلمُّس وسائل اجتذاب القراء للأعمال السعودية في الصين، وتوسيع مدى انتشار الأعمال المترجمة، وتعزيز تأثيرها.