بحوث ومناقشات ندوة فكرية لمركز دراسات الوحدة العربية بالتعاون مع معهد دراسات الشرق الأوسط، جامعة شنغهاي للدراسات الدولة – الصين
21- 22 فبراير 2017م
إعداد
فهد صالح المنيعي
باحث بالمركز مختص بالدراسات الصينية
مقدمة
هذا عرض لكتاب “العلاقات العربية- الصينية” في إطار برنامج “باحث وكتاب”، الذي يتبناه مركز البحوث والتواصل المعرفي، في حلقة عقدت بمقر المركز يوم الثلاثاء 16 صفر 1444هـ (13 سبتمبر 2022م).
الكتاب نتاج بحوث ومناقشات ندوة فكرية لمركز دراسات الوحدة العربية بالتعاون مع معهد دراسات الشرق الأوسط، بجامعة شنغهاي للدراسات الدوليَّة.
عُقدت الندوة في بيروت خلال المدة ما بين (21-22 فبراير2017م)، وشارك في طرح محاورها ومناقشتها نحو خمسين باحثًا ودبلوماسيّاً عربيّاً وصينيّاً من 15 دولة.
الفصل الأول
الإطار التاريخي والثقافي للعلاقات العربية – الصينية
العلاقات العربية – الصينية: مسارات الحوار الحضاري بين العرب والصين (في العصر الوسيط)
الكاتب: د. محسن فرجاني: أستاذ اللغة الصينية، كلية الألسن، جامعة عين شمس، القاهرة.
لقد تأسس نمط الحوار الحضاري الصيني – العربي، منذ بدايات القرن السابع الميلادي، واستمر بوتيرة متباينة حتى يومنا هذا، من خلال الرحلات البحرية للعرب، التي شهدت تبادلًا للسلع والمعارف مع الصين خلال العصر الوسيط، وبشكل خاص في عصر حكم المغول، وقد أدّت الرحلات الجغرافية في المحيط الهندي، والسرديات التي دونها الجغرافيون العرب دورًا بارزًا في التعريف بالصين، بخلاف الطرق البرية؛ التي ظلت فترات طويلة تخضع لاحتكار كيانات حاكمة، فرضت نفوذها هناك، ووقفت أحيانًا عقبة كأداء أمام القوافل التجارية.
كما أفرز النشاط البحري العربي في المحيط الهادي نشاطًا علميّاً كبيرًا من الملاحين العرب، الذين لم يكتفوا بالرسومات الفلكية والإحداثيات الجغرافية، بل تجاوزوا ذلك إلى وصف حياة الشعوب في الهند والصين، حيث كان وصول الرحالة والجغرافيين العرب للصين خلال القرن التاسع الميلادي، بل يذهب بعض المؤرخين إلى أنَّ هذه العلاقات ترجع إلى عام 636م، حيث تنقل العرب ردحًا من الزمان بين عاصمة الإمبراطورية الصينية ” جانغ آن” والعراق.
التقى عدد من الملاحين العرب من منطقة الخليج، مع الصيني “جيا دان” المسؤول عن متابعة أحوال التجار الأجانب، وقد وضع على إثر ذلك أحد أهم الأعمال الجغرافية في التاريخ الوسيط، والمعروفة بـ ” الطريق إلى الدول الأجنبية عبر قوانجو”، الذي وصف فيه الخطوط البحرية بين ميناء قوانجو ومنطقة الخليج.
لقد كانت الملاحة البحرية ساحة التلاقي العربي – الصيني، رغم أهمية الطرق البرية، وبخاصة طريق الحرير؛ إذ وصل عدد من السفارات إلى الصين منذ عام 561م، وحملت معها الهدايا والسلع النفيسة إلى إمبراطور الصين، وقد بلغ عدد هذه السفارات سبع عشرة سفارة في عهد الدولة الأموية، وعشر سفارات في عهد الدول العباسية. وفي المقابل، قادت الصين عددًا من الرحلات البحرية الاستكشافية إلى جنوب غرب آسيا، وجنوب شرق أفريقيا، بقيادة الأدميرال (تشانغ هو).
وقد شهدت تلك العلاقات المتنامية تراجعًا في بدايات القرن الخامس عشر الميلادي، بعد تقلّص الرحلات التجارية والبرية، وتضاءلت رغبة الصينين في زيارة المنطقة العربية، في وقت تراجع فيه الزخم الحضاري العربي بشكل عام خلال ذلك القرن.
وفي أيامنا المعاصرة، تبدو العلاقات العربية – الصينية واعدة، وتبشر بعلاقات أكثر واقعية في ظل المصالح المشتركة للعرب والصينين معًا، مما يحتم على الباحثين على وجه الخصوص القيام بجهود بحثية مكثفة تملأ كثيرًا من الفجوات في العلاقات العربية – الصينية، واستجلاء كثير من مساحات الغموض فيها؛ دعمًا لمسيرة المستقبل الواعد والعريض في العلاقات بين العرب والصين.
الفصل الثاني
الصين ونموذجها في التنمية
الكاتب: د. مصطفى كامل السيد: أستاذ العلوم السياسية، جامعة القاهرة.
كثيرًا ما كانت الحضارة المبهرة للصين القديمة لغزًا مثيرًا للدارسين والباحثين. وما تعرضت له الصين من حروب ونزاعات، أدخلتها في نفق مظلم، وجعلتها تعاني من سنين الفقر والاستعباد، إلا أنها استطاعت قهره، والنهوض بشكل مثير وغامض.
وهذا ما يطرح كثيرًا من التساؤلات عن نموذجها المعاصر، الذي تعمل على تحقيقه ومحاولة تعريفه، وهو نموذج مرَّ بمرحلتين مختلفتين ومتكاملتين في الوقت نفسه: مرحلة الشيوعية الماوية، ومرحلة الانفتاح؛ وتعلمت الصين من مرحلة الاتحاد السوفييتي وتجربته الاشتراكية في الخمسينيات، كما تعلمت من الدول الرأسمالية في فترة الانفتاح، إذ بدا واضحًا أنّ المرحلة الأولى كانت تمهيدًا للمرحلة الثانية، فبقي الحكم فيها مركزيّاً يتحكّم به الحزب الشيوعي لضمان وحدة الصين، مع اعتماد النظام الاقتصادي الجماعي، الذي هو لب هذه التجربة.
يكشف الواقع عن تحقيق الصين معدلات نمو مرتفعة، وتطوّر اجتماعي ملحوظ؛ بفضل تعدد أنماط الملكية، والسماح للشركات الأجنبية والمستثمرين بإدارة أملاكهم في الصين، فاقتصرت الملكية العامة على المشروعات الكبيرة في الدولة، والتركيز بشكل كبير في الإنتاج الموجه للتصدير.
وفي مرحلة لاحقة، دخلت الصين مرحلة الإنتاج الموجة للسوق المحلي، برؤوس أموال صينية محلية، وترتكز على الابتكار التكنولوجي، وهو ما عرف بنموذج جيشانغ، الذي انتشر بشكل واسع في الصين.
وقد أدّت الحكومة دورًا كبيرًا في عمليات التخطيط، في إطار ما سمي بالاشتراكية الصينية، من خلال 12 خطة خماسية جرى تطبيقها، وتركت الحكومة لآلية السوق إدارة القطاع الاقتصادي الواسع.
وكان من أبرز سمات هذا النموذج، هو قدرة الصين الكبيرة على الاحتفاظ بقدرة هائلة من الإدخار، وتعبئة هذه المدخرات في صورة استثمارات.
والسؤال الأكثر أهمية هنا، هل هذا النموذج الصيني قابل للتصدير؟ ويرى الكاتب هنا، عدم قابلية هذا النموذج للتصدير بمقوماته كافة، ولكن يمكن للدول الأخرى استلهام جوانب منه، كالنمو، وأدوار القيادة في الدولة، والجمع بين صور مختلفة للملكية، وعدم الإفراط في إطلاق العنان للسوق، بخاصة فيما يتعلّق بالخدمات الأساسية كالتعليم، والصحة، والرعاية الاجتماعية، وضرورة الانفتاح على المدارس الفكرية كافة، والاهتمام بتنمية العقول البشرية مفتاحًا للتنمية المستدامة.
الفصل الثالث
الموقف تجاه النظام الدولي وعناصر تغييره
الصين وتحوّلات النظام الدولي الراهن
الكاتب: د. إدريس لكريني: أستاذ العلاقات والقانون الدولي ومدير مختبر الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات في جامعة القاضي عياض، مراكش، المغرب.
في خضم سعي الولايات المتحدة الأمريكية إلى إنشاء نظام عالمي جديد، عقب تفكك الاتحاد السوفييتي السابق، وسقوط جدار برلين، واندلاع حرب الخليج الثانية، وتفرّد الولايات المتحدة بقيادة العالم؛ تُطرح تساؤلات كثيرة حول مكانة الصين في خضم هذه التغيّرات، ومدى قدرتها على التأثير فيها.
الصين رغم انشغالها بقضايا داخلية مصيرية، ورغم استفزازها من الولايات المتحدة للدخول في منافسة إستراتيجية معها، إلا أنَّها بطريقة ما تحاشت الانجرار إلى ذلك، خوفًا من التورط في منافسة يمكن أن تستنزف قدراتها، مستفيدةً من تجربة الصراع السوفييتي الأمريكي، ولكن في الوقت نفسه، مضت في جهود تعزيز حضورها الدولي وتفوقها الاقتصادي، في وقت فرضت أحداث كثيرة عالمية شكوكًا حول قدرة القطب الواحد في قيادة العالم؛ إذ إنَّ السلم والأمن الدوليين لا يتحققان إلا في ظل نظام متعدد الأقطاب.
ولا شك أنَّ الصين تمثّل قطبًا مهمّاً من هذه الأقطاب، وذلك بفضل ما تملكه من إمكانيات بشرية ضخمة، وإرث تكنولوجي وصناعي متقدم، واعتمادها الطاقة المتجددة خيارًا استراتيجيّاً، فضلاً عن إنجازاتها الواعدة في مجال الفضاء، وما تتبوؤه من مكانة تجارية عالمية مميّزة، كما أصبحت دولة ذات إمكانيات عسكرية مقدّرة، في المركز الرابع عالميّاً، فضلًا عن مكانتها السياسية داخل المنظمات الدولية، وتمتعها بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن بالأمم المتحدة.
كما رسّخت الصين مكانتها وعلاقاتها مع كثير من دول العالم في آسيا، وأفريقيا، ومنطقة الشرق الأوسط.
وبشكل عام، يرى كثير من المراقبين، أنَّ ما تشهده الصين من تطوّر مذهل، يمكن أن يحدث على المدى المتوسط، خلخلة في النظام الدولي، المفروض من الولايات المتحدة الأمريكية.
أما على صعيد المستقبل؛ فإنَّ الصين ستؤدّي دورًا كبيرًا في إعادة تشكيل النظام العالمي الجديد المتعدّد الأقطاب، وعلى حد تصريح وزير الخارجية الصين وانغ يي، فإنَّ الصين لا تحاول بناء نظام عالمي منافس، بقدر ما تسعى إلى القيام بدور أكبر في النظام الدولي القائم.
وإذا كانت العلاقات الأمريكية الصينية لا تزال تشهد شدًا وجذبًا؛ إلا أنَّ العلاقات الصينية الروسية، تشهد في المقابل تطوّرًا كبيرًا، إذ كونتا مع الهند مثلثًا استراتيجيّاً، لإحداث نوع من التوازن في العلاقات الدولية في مواجهة الهيمنة الأمريكية.
وتواجه الصين كثيرًا من التحدِّيات، سواء الاقتصادية، ومشكلات التباين التنموي، والضغوطات التي تتعرض لها المنتجات الصينية، بجانب المشكلات السياسية، ومنها: قضية تايوان، وبحر الصين، وملف حقوق الإنسان على مستوى العلاقات الدولية.
الفصل الرابع
العلاقات الاقتصادية: الطاقة
علاقات الطاقة بين البلدان العربية والصين
الكاتبة: نورة بنت عبد الرحمن اليوسف: أستاذ مشارك في قسم الاقتصاد، كلية إدارة الأعمال، جامعة الملك سعود.
لقد شهد العام 2013م، انخفاضًا غير مسبوق، لصادرات النفط العربية والخليجية إلى أمريكا الشمالية وأروبا الغربية إلى أقل من 20%، في حين تحوّلت 70% من هذه الصادرات إلى الاقتصاد الآسيوي، وبالأخص الصين، التي اعتمدت بشكل خاص على واردات النفط من الشرق الأوسط، بما نسبته 61%، هذا بجانب ما تستورده من الغاز المسال من قطر منذ مطلع العام 2009م، حيث بنت قطر أول محطة لها في الصين، كما ارتفعت في المقابل وارادات الصين إلى الدول العربية، حتى بلغت 68 مليار دولار عام 2015م، والأهم من كل هذه الأرقام، هو عدّ العرب الصين شريكًا تجاريًّ مثاليّاً، لا يتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، كما تسهم الصين بوصفها أول مستورد للنفط من الخليج، في تزايد الطلب على النفط والحفاظ على أسعاره العالمية.
وتأتي السعودية في صدارة هذه الشراكة مع الصين، إذ بلغ حجم التبادل التجاري معها 51.834 مليار دولار عام 2015م، كما بلغ حجم الاستثمارات الصينية في السعودية عام 2014م 730 مليون دولار، كما تعدُّ السوق الصينية أكبر سوق استهلاكية في العالم، وتمثل فرصًا ضخمة أمام الصادرات الخليجية، إضافة إلى التقارب السياسي المتصاعد بين الدولتين. وبشكل عام فإن الدول العربية تدعم وحدة الصين، وتدعم الصين في المقابل معظم القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، فضلًا عن امتناعها عن التدخل في الشؤون الداخلية العربية، وقد قام الطرفان بخطوات ملموسة لتعزيز علاقات التعاون تلك، ومن هذه الخطوات: عقد الجانبان سلسلة من الحوارات، منها: الحوار الاستراتيجي، والحوار في مجال الطاقة. وكذلك التفاعل بين الطرفين بخصوص مشروع مبادرة الحزام والطريق، ودعم الدول العربية لهذا المشروع. وكذلك انعقاد الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني، الذي جرى إنشاؤه عام 2005م.
ومن الخطوات المهمَّة المتخذة لزيادة ودعم هذا التعاون: ضرورة إنجاز منطقة التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج، وكذلك تفعيل التعاون الصيني العربي التكنولوجي، وضرورة دعم الصين مقترح إصلاح مجلس الأمن في الأمم المتحدة، بزيادة تمثيل الدول النامية فيه.
الفصل الخامس
العلاقات الاقتصادية: طريق الحرير الجديد
بروز الصين كأكبر شريك تجاري لدول الخليج: فرص مستجدة ومعوّقات محتملة لمجلس التعاون الخليجي
الكاتب: د. تيم تيبلوك، أستاذ في جامعة إكستر – بريطانيا.
تحاول الصين جاهدةً الحفاظ على علاقات وثيقة وودية مع دول الخليج، بما في ذلك إيران والعراق، لأهمية الإمدادات النفطية للصين، كما ظهر بجانب تلك الدواعي الاقتصادية دواع سياسية، تفتأ تتزايد يومًا بعد يوم، وتطوير علاقات تعاونية، تمكّن الطرفين من تبوؤ مكانة في النظام العالمي، ومن المتوقع أن يجري هذا التحوّل بشكل تدريجي ومدروس.
هذا التحوّل في التدفقات التجارية بين العرب والصين، كانت بدايته في عام 1990م، حيث بدأت زيادة معدلات التبادل التجاري بين الطرفين. وبحلول عام 2020م، استحوذت الصين على معظم صادرات مجلس التعاون الخليجي بقيمة ناهزت 160 مليار دولار، وقد ورد ذلك في تقرير الاستخبارات الاقتصادية عام 2014م، وبحلول 2020م (توقع من الكاتب وقت الندوة) ستستحوذ الصين على معظم صادرات مجلس التعاون الخليجي، وهذه الزيادة تتماشى مع الصعود الاقتصادي للصين.
ويجدر الذكر، فوز الشركات الصينية بكثير من العقود والمشروعات الإنشائية الكبيرة في المنطقة العربية، مثل: مشروع قطار الحرمين السريع، ومصنع وعد الشمال للفوسفات.
أما فيما يتعلّق بمشروع الصين”حزام واحد طريق واحد” فهناك مؤسسات وأطر عمل موجهة للتعاون الإستراتيجي والسياسي، الذي يشكّل عنصرًا أساسيّاً في إستراتيجية الصين العالمية، فهو إلى جانب احتواء برامجه على بناء الطرق والسكك الحديدية، وخطوط الأنابيب ونظم الاتصالات والموانئ؛ فهو يشمل بناء البنية الأساسية والصناعية والمالية، التي تضمن استقرارًا سياسيّاً أشمل ودائم.
وفي هذا السياق، يمكننا فهم خطط الصين المتعلّقة بالبنية الأساسية للاتصالات في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، في إطار الإستراتيجية العالمية للصين، وكذلك إنشاء تكتلات موازية مثل تكتل البركس، ومنظمة شنغهاي للتعاون، وما يتبعها من مؤسسات مالية وتجارية.
وبشكل عام، إنَّه وإن لم تشمل الخريطة البرية لطريق الحرير الجديد الدول العربية في أعلى القائمة، فإن ذلك يعود إلى أسباب وتقاطعات سياسية، كما أن الطرق البحرية النشطة مع الدول الخليج العربي أغنت عنها تمامًا.
الفصل السادس
العلاقات الاقتصادية: التجارة والاستثمار والسياحة
الاقتصاد السياسي للعلاقات العربية – الصينية.. التحدِّيات والفرص الإستراتيجية.
الكاتب: د. محمد حمشي: الأستاذ المساعد في العلاقات الدولية، جامعة أم البواقي، الجزائر.
لقد شكّل طريق الحرير القديم جسرًا تاريخيّاً للتواصل التجاري والثقافي بين العرب والصين، وتطوّرت هذه العلاقة ليصبح العالم العربي أكبر سابع شريك تجاري للصين، فضلاً عن سعي مجلس التعاون الخليجي إلى إنشاء منطقة للتبادل الحر مع الصين، وقيام مبادرات صينية لإحياء طريق الحرير القديم بشقيه البري والبحري، الذي يشكّل الوطن العربي ممرًا حيويّاً له.
ورغم الطبيعة الواعدة للعلاقات العربية الصينية؛ فإنَّ هذه العلاقات تعترضها تحدِّيات عديدة، وهو ما يهمُّ الجانب العربي بشكل أكبر، لأنَّه الجانب الأضعف في هذه العلاقة، بالنظر إلى قوة الصين الاقتصادية والسياسية؛ مما جعل طريق الحرير في مواجهة ست عقبات رئيسة:
أولاً: التبادل غير المتكافئ في العلاقات العربية الصينية، حيث في مقابل الطاقة التي تصدرها الدول العربية للصين، تتلقى الدول العربية معظم حاجاتها من السلع الصينية.
ثانيًا: إنَّ مشروع الطريق والحزام يهدف إلى إحياء طريق الحرير البري القديم، والطريق البحري ” الحزام” الذي يربط الصين بالعالم، وهو المشروع الذي أعلنه الرئيس الصيني شي جين ينغ عام 2013م، والذي يهدف إلى إعادة إحياء هذا الطريق عبر ثلاثة خطوط رئيسة، أهمها الخط البري الممتد من الصين الغربية نحو أوروبا، مرورًا بآسيا الوسطى والمشرق العربي، عبر شبكة من المشروعات والبنى التحتية في كل المناطق التي يمرُّ بها هذا الطريق.
ثالثًا: هناك التحدِّي الأمني والسياسي في المنطقة العربية، سواء تعلّق الأمر بتداعيات الربيع العربي، أو الصراع العربي – الإسرائيلي، أو التوترات في منطقة الخليج العربي، إذ يجب على العرب استثمار علاقتهم مع دولة وازنة كالصين، لبذل جهود أكبر في الضغط لفرض التوازن في المنطقة، واستثمار القوة الناعمة للصين في العلاقات الدولية العربية.
رابعًا: فرض صعود الصين المثير نفسه بقوة على الصعيد العالمي من جهة، ومن جهة أخرى كان لاختلال النظام القطبي الثنائي الأمريكي – الروسي، إثر انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، أثره الكبير في محاولة الدول العربية الاهتمام أكثر بالصين، لإحداث بعض التوازن في علاقاتها الدولية.
خامسًا: حاجة العلاقات العربية – الصينية إلى المزيد من الدراسة والتأصيل المعرفي؛ لسد الفجوة في الدراسات العربية القليلة عن الصين، وقلّة مراكز البحوث المتخصصة في الشأن الصيني.
سادسًا: الانقسامات السياسية، العربية – العربية، وهو ما أبرز تباينًا سياسيّاً في مواقفها السياسية حول قضايا المنطقة.
غير أنه رغم كل التحدِّيات؛ فإنَّه ثمة فرص كبيرة تفوقها، من أجل تحقيق الشراكة الإستراتيجية المنشودة، وأولى هذه الفرص، إشراك الوطن العربي في مشروع الطريق والحزام، وتطوير المنتديات التعاونية الصينية العربية، من أجل تحقيق التكامل الاقتصادي العربي – العربي، لمواكبة عصر التكتلات الاقتصادية الإقليمية، وكذلك تفعيل مضامين وثيقة السياسات الصينية تجاه البلدان العربية.
الفصل السابع
العلاقات السياسية: القضايا العربية
العلاقات العربية الصينية والواقع والطموح
الكاتب: د. عاهد مسلم سليمان المشاقبة، أستاذ مشارك في معهد بيت الحكمة للعلوم السياسية، جامعة آل البيت، المفرق، الأردن.
إنَّ من أهم مبادئ الصين السياسية عدم التدخل في سياسة الدول الداخلية، واعتمادها الخيار السلمي حيال المشكلات التي تواجهها كافة، وهو ما أكسبها كثيرًا من الثقة والاحترام من الدول العربية بشكل خاص، فضلًا عن دعم الصين مطالب المجموعة العربية في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي.
وقد استهدفت هذه الدراسة التعرف على إلى محددات السياسية الصينية المعاصرة تجاه البلدان العربية بعد ثورة الربيع العربي، التي أعادت رسم الأدوار الإقليمية.
وليس خافيًا ما تشهده المنطقة العربية من نزاعات طائفية، وهو ما قد يقود المنطقة إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار.
كما تشهد المنطقة العربية تسابقًا محمومًا من الدول الأجنبية لاستثمار خيراتها، وإيجاد موقع قدم في أراضيها، وذلك بفضل موقعها الإستراتيجي المميّز وثرواتها الطبيعة الوفيرة، بجانب أهميتها؛ بوصفها سوقًا استهلاكية كبيرة ورائجة للسلع الأجنبية والصينية على وجه الخصوص.
وتواجه الصين كذلك تحدِّي التيارات الدينية المتصارعة في البلدان العربية، وهو ما يفرض عليها اتباع سياسة التفاوض وإدارة الأزمات.
إنَّ من أبرز تأثيرات السياسية الصينية الخارجية في المنطقة العربية، هو استخدامها للقوة الناعمة في مواجهة الأزمات التي اعترضتها في المنطقة العربية، من أجل حماية مصالحها؛ فوقفت بجانب الدول العربية في محاربتها للإرهاب، كموقفها من الأزمة السورية، واستخدامها حق الفيتو لمصلحة الشعب السوري، كما عارضت الصين أي تدخل في الشؤون المصرية، إبان الثورة التي أطاحت بالرئيس المصري حسني مبارك، وكذلك الأمر في اليمن، حيث رأتها أزمة داخلية، واتخذت موقفًا محايدًا بشأنها.
وفي كل هذا، حافظت الصين على انتهاج سياسة خارجية سلمية، وهي بهذا تدعم إقامة نظام دولي سياسي واقتصادي، ملائم لتطبيق سياسة الانفتاح، وتحقيق مصالحها الاقتصادية بعيدًا عن العنف والحروب.
كما حرصت الصين على عدم التورط عسكريًا في النزاعات العربية، وهو ما يتماهى مع آليات الصين لتحقيق مصالحها الاقتصادية، الممثلة في تأمين مصادر الطاقة، والحفاظ على الأسواق العربية التي تمثل سوقًا رائجًا لبضائعها، ومواصلة تأصيل مواقفها الإيجابية والسلمية في السودان، وفلسطين، والعراق.
الفصل الثامن
العلاقات السياسية: القضايا الصينية
صعود الصين: المصالح الجوهرية لبكين والتداعيات المحتملة عربيًا
الكاتب: د. ناصر التميمي: باحث عربي مقيم في بريطانيا.
لقد أنجزت الصين، خلال فترة قصيرة، خطوات واسعة في المضمارين الاقتصادي والسياسي، بشكل يفوق الخيال، فأصبحت خلال هذه الفترة أكبر قوة اقتصادية في العالم من ناحية القوة الشرائية، مع تنامي قوتها العسكرية، وهو ما يدفع بها إلى حافة المنافسة مع الولايات المتحدة الأمريكية القوة الأعظم في العالم.
لقد تطوّر مفهوم ” المصالح الجوهرية” للصين، وهو المفهوم الذي استحدثته، حتى لا تعود البلاد مرة أخرى إلى العهود السوداء التي عاشتها إبان وقوعها تحت الاحتلال، والحفاظ على مركزية السلطة، من دون السماح لأي نوع من أنواع الديمقراطية، ويجري التأكيد من الصينين دائمًا أنَّ عملية نهوض الصين، حدثت بصورة عملية وعلمية، وليست مفاجئة، بل هي مظهر من مظاهر استعادة الصين دورها التاريخي المعروف منذ فجر البشرية.
كما يعتقد الصينيون جازمين، أنهم أبعد الشعوب من النزعة الاستعمارية، وأنَّ جهودهم لتوحيد الصين وجعلها واحدة، واسترجاع أراضيها ” تايوان” وبحارها “بحر الصين” التي اقتطعت منها، إنما، هو حق وواجب وهدف لا يمكنها التراجع عنه.
بدأت الصين نهضتها وإصلاحاتها الحقيقية، بعد وفاة المؤسس ماو تسي تونغ، ومجيء خليفته دينغ هيا وينغ، الذي عمل على تحسين مكانة الصين عالميّاً، واندماجها في الاقتصاد العالمي، والتحاقها بأكبر عدد من المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة التجارة العالمية.
بدأت الصين في الالتفات إلى مشكلاتها الداخلية، وشرعت في تفعيل مبدأ “المصالح الجوهرية” للصين، وهي عبارة وردت أول مرة على لسان وزير الخارجية الصينين تانغ جيا شيوان، في اجتماعه مع وزير الخارجية الأمريكي كولن بأول عام 2003م، وهذه المصالح الجوهرية غالبًا ما تشير إلى حقوق الصين في تايوان، وضرورة ضمّها وتحقيق مبدأ الصين الواحدة، وكذلك أراضي التبت، وبحر الصين، الذي تطل عليه 9 دول آسيوية، ويعدُّ من الممرات المائية الحيوية للتجارة، ونقل البضائع، فضلاً عن ثرواته الطبيعية الهائلة من النفط والغاز، الذي تنازعها عليه الفلبين وفيتنام، وتؤكد الصين في المناسبات كافة ملكيتها شبه التامة له.
أما المعضلة الكبيرة للصين، هو دعمها العلني لنظام بيونغ يانغ في كوريا الشمالية، وهو ما يستعدي عليها الولايات المتحدة والغرب وكوريا الجنوبية، الأمر الذي ينذر بنشوب حرب نووية، إذا ما استخدمت كوريا الشمالية مخزونها من القنابل النووية في أي صراع مع كوريا الجنوبية أو اليابان، أو الولايات المتحدة. علمًا بأنَّ علاقاتها مع اليابان متوترة أيضًا، بسبب نزاعها معها على بحر الصين الشرقي وملكية جذر سيكاكو.
ثم تأتي مشكلة الصين، وطموحها لأداء دور أكبر في المشكلات العالمية الملحة، وأداء دور أكبر في منطقة الشرق الأوسط المورد الأول للطاقة في الصين، وأكبر الأسواق المستقبلة لمنتجاتها.
ويرى كثيرون أنَّ المنافسة بين الصين والولايات المتحدة أمر حتمي، بينما تخشى الصين محاولات الولايات المتحدة المستميتة لاحتوائها.
جميع هذه المؤشرات تقود إلى نتيجة واحدة، وهي أن نمو المصالح الصينية بهذا الاطراد، لا بد أن يواكبه نموًا موزايًا من الناحية العسكرية، من أجل حماية تلك المصالح، وهو ما قد يؤدي بالضرورة إلى نشوء تحالفات عسكرية مستقبلاً، ربما مع بعض الدول العربية في المنطقة.
الفصل التاسع
الصين والتنافس الجيوبلوتكي في المنطقة
إشكالية الإطار المفاهيمي للإرهاب والمقاومة بين العرب والصين
الكاتب: أ. جواد الحمد: رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، ورئيس تحرير مجلة ” دراسات شرق أوسطية” العلمية، المحكمة بالأردن.
تعمل هذه الدراسة، على مقاربة وفهم موقف الصين من الإرهاب والمقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني، فالصين دولة مهمَّة للفلسطينيين، لدعم وحماية حقوقهم ومقاومتهم للعدو الصهيوني، وذلك في ظل سياسة الصين التي يغلب عليها الحياد والدبلوماسية. ويمكن عدّ الصين دولة داعمة للقضية الفلسطينية منذ عام 1955م في مؤتمر باندونغ، ولا يزال موقف الصين ثابتًا ” نوعًا ما” في دعمه للقضية الفلسطينية، والاعتراف بعاصمتها القدس الشرقية، كما تؤيد الصين عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، وكثيرًا ما أدانت إسرائيل في مواقف كثيرة، واستمرت في رفضها العدوان الإسرائيلي المتكرّر على غزة.
غير أنَّ أهمية هذه الدراسة، هو بحث التحوّل في دعم كفاح الشعب الفلسطيني، إذ لم تعد الصين تدعم الكفاح المسلح للفلسطيني، بقدر دعمها للسلام، وهي في ذلك تعمل على التمييز بين بين الإرهاب والمقاومة؛ فهي لا ترى أي مقاومة مسلحة الفلسطينيين في مواجهة الوحشية الإسرائيلية إرهابًا، بل تراها مقاومة مشروعة وفق القانون الدولي. وقد رفضت الصين على لسان وزير خارجيتها لوي جانغ شان، عدّ حركة حماس الفلسطينية، منظمة إرهابية.
ويدخل تقييم هذا المفهوم الصيني في إطار حاجة المقاومة الفلسطينية إلى الدعم الدولي والإقليمي، غير أنّه ثمة مخاوف ومؤشرات على التغيير التدريجي لهذا الموقف الصيني، في ظل الضغوط الأمريكية والدولية، وبدأ في الظهور إبان حرب الولايات المتحدة وغزوها العراق، إذ رفضت الصين عدّ المقاومة العراقية المسلحة للقوات الأمريكية المحتلة، مقاومة مشروعة، وهو ما عُدَّ حينها تحولًا فكريّاً وسياسيّاً من الصين.
هذا التحوّل في المفهوم الصيني، تطرحه الحاجة الصينية إلى التقارب مع أطراف الصراع كافة، وصولًا إلى تفاهم مشترك يحقق مصالح الصينين والعرب. وهو ما يعدُّ إحدى العقبات التي تعترض تطوير العلاقة بين الطرفين، وتحول موقف الصين إزاء القضية الفلسطينية، مع تأكيدها دعم عملية السلام، والتعاون في مكافحة الإرهاب، من دون أن تشير الصين إلى إدانة أي من الممارسات الإسرائيلية، وفي المحصلة يفقد هذا التعاون الصيني – الإسرائيلي القضية الفلسطينية داعمًا دوليّاً مهمّاً.
وهناك من يحمل العرب هذه النتيجة المخيبة في صفحة العلاقات الصينية العربية، وفشل النظام العربي في الحفاظ عليها، وذلك نتيجة لضعف النشاط العربي في الدفاع عن الحقوق الفلسطينية.
كما كان لانطلاق عملية السلام الإسرائيلية مع السلطة الفلسطينية عام 1991م، كعملية بديلة للكفاح المسلح الفلسطيني، أثرها في تراجع موقف الصين من القضية الفلسطينية.
وعلى الرغم من محاولة الصين المزاوجة بين تحقيق مصالحها الاقتصادية والأمنية مع إسرائيل، والمحافظة على موقف أخلاقي تجاه القضية الفلسطينية، فهي في النهاية وصلت إلى طريق لا يدعم المقاومة الفلسطينية المسلحة، بل تطالبها بالسعي إلى تحقيق السلام مع إسرائيل عبر المفاوضات والدبلوماسية، وقد كان لهذا الموقف الصيني تداعيات كبيرة، منها وقف الصين دعمها السياسي والعسكري لحركات الكفاح الفلسطيني المسلح والمقاوم للاستعمار الإسرائيلي، واتجاه الصين إلى إقامة علاقات متنامية مع الكيان الإسرائيلي، والتقارب الصيني – الإسرائيلي في مفهوم الإرهاب.
الفصل العاشر
العلاقات الثقافية والإعلامية
الحزام الثقافي: تاريخ التبادل الثقافي بين الصين والعرب
الكاتب: د. جعفر كرار أحمد: جامعة الدراسات الدولية في شنغهاي، مركز دراسات الشرق الأوسط.
تعدُّ مبادرة “الحزام والطريق” من أضخم المشروعات الاقتصادية العالمية، والعالم العربي أحد أهم الشركاء الأصليين في هذا المشروع، إذ أسهم العرب بشكل كبير في طريق الحرير القديم، وذلك لسيطرتهم على الطريق التجاري بين آسيا وأوروبا منذ زمن طويل، وعند فتح الصين طريق الحرير القديم، نشأت أولى الصلات الثقافية بين العرب والصين، وتبادل الجانبان السفارات والبعثات وقوافل التجارة.
وما أن حلَّ عام 300 ميلادي، حتى كان للعرب مستوطنات كبيرة كتلك التي في قوانجو، حيث كانت من المستوطنات العربية التي أثرت ثقافيّاً ولغويّاً في المجتمع الصيني.
ومن أكثر مظاهر هذا التبادل الثقافي والعلمي وضوحًا، ما جاء في كتابات الرحالة العرب والمسلمين عن الصين، والكتابات التي ألفها الجغرافيون الصينيون عن العرب، على شاكلة الدليل السياحي عن العرب، الذي ألفه كيا شان، وما نقله السيرافي عن النظام الاجتماعي الفريد للمجتمع الصيني، وما نقله اليعقوبي عن ملوك الصين وعدلهم، وكذلك ما نقله أحمد بن رسته، وحديثه عن فساد الهواء في إقليم التبت، وحديثه عن الفرق بين المسك الصيني والتبتي.
ونقل الطبري من أخبار مدينة كش، من أعمال سمرقند، إذ تحدث عن غزو داود خالد لأهل كش، وأخذه الأواني الصينية المنقوشة المذهبة، والسروج الصينية، والمتاع من الديباج الصيني.
وفي المقابل، انتقل كثير من المعارف الفنية والصناعية من الصين إلى بلاد العرب، ومنها تكنولوجيا صناعة الورق، وقد ذكر ابن النديم ذلك بقوله: “إنَّ صناعًا من الصين عملوا في خراسان على مثال الورق الصيني”. وكذلك انتقلت إلى العرب صناعة الخزف الصيني، وقد عثر على أجزاء منه في حفريات مدينة سامراء التي بناها الخليفة المعتصم عام 838م.
كما وصلت هجرات عربية في شكل مجموعات إلى الصين، في عهد أسرة يوان، ونالوا احترامًا مقدرًا من هذه الأسرة والشعب الصيني، ووصف ابن بطوطة آخر الرحالة العرب ذلك في زيارته للصين عام 1347م بقوله: “وفي كل مدينة من مدن الصين، مدينة للمسلمين، ولهم منها مساجد لإقامة الجمعات، وهم معظمون محترمون”. كما يصف ابن بطوطة المسلمين في قوانشو، بأن لهم مساجد وأسواقًا وزوايا، وأنَّ لهم قاضيًا وشيخًا.
ويذكر ابن بطوطة عند وصوله ” خانجو”: ” عند وصولنا إليها، خرج إلينا قاضيها فخر الدين، والمدينة يسكنها المسلمون”.
وقد تعرضت هذه العلاقات التجارية والثقافية للتراجع، إبان سعي البوارج البحرية الأوروبية إلى السيطرة على منافذ التجارة والمواصلات في المحيط.
0 تعليق