“مبادرة الحزام والطريق (BRI) تنسجم مع رؤية السعودية 2030، والفوائد متوقعة دائمًا”، هذا رأي أبداه مدير وحدة الصين والشرق الأقصى في مركز البحوث والتواصل المعرفي فهد المنيعي، الذي أكد أنَّه إذا بذلت الدول العربية والصين جهودًا مشتركة لتعزيز مبادرة الحزام والطريق، فسيكون هناك وضع أفضل في المستقبل
في الوقت الذي يزور فيه الرئيس الصيني شي جين بينغ المملكة، جاءت هذه المقابلة من مراسلي جلوبال تايمز (جي تي) يو جينكوي وشينغ شياو جينغ مع المنيعي في الرياض، لمعرفة وجهات نظره حول كيفية تعاون البلدين بشكل أفضل في إطار مبادرة الحزام والطريق، فضلاً عن تعميق العلاقات العربية الصينية.
في عام 2016م، عندما زار الرئيس شي جين بينغ المملكة العربية السعودية، تم الارتقاء بالعلاقات الصينية السعودية إلى شراكة إستراتيجية شاملة. شي يزور السعودية مرة أخرى، والسعودية هي الدولة العربية الأولى التي يزورها بعد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني، كيف نفهم أهمية هذه الزيارة للعلاقات الثنائية؟
لا شك أنَّ هذه الزيارة تاريخية؛ لأنَّ المملكة العربية السعودية تقدر علاقتها مع الصين، خصوصًا وجود الرئيس الصيني في الرياض، وسيكون هناك مزيد من التحسُّن في العلاقة، وهي متعددة الأوجه، تراوح بين التجارة والثقافة.
في الواقع، إنَّها تبادل مصالح بين البلدين، فضلاً عن علاقة صداقة عميقة. الصين هي الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، مما يسهم في تطوير هذه العلاقة، وستسفر القمة عن نتائج مهمة تتطلع إليها الصين في المنطقة، كما الحال بالنسبة إلى المملكة.
كيف تقيمون التعاون بين الصين والسعودية خلال السنوات الست الماضية؟ في رأيك، ما المجالات التي يمكن للجانبين تعميق تعاون فيها؟
بلغ التعاون بين الصين والسعودية ذروته في السنوات القليلة الماضية، ونجحتا في تأسيس عدة شركات ناجحة في مشروعات الطاقة والصناعات المتطوّرة وغيرها، أما المجالات التي ينبغي على الجانبين تعميقها، فتتمثَّل في الاستثمار في مشروعات عملاقة في المملكة، مثل: مشروع نيوم (مدينة تربط آسيا وأفريقيا وأوروبا يجري بناؤها في منطقة تبوك في شمال غرب المملكة العربية السعودية)، والاستثمار في السعودية من خلال الشركات الصينية سيكون بلا شك مفيداً لاقتصاديات البلدين.
هل يمكن القول إن هناك تراجعًا في العلاقات السعودية الأمريكية؟
علاقة السعودية بأمريكا علاقة تاريخية تمتدُّ لأكثر من 80 عامًا. ولا يمكن زعزعة الجانب الأقوى في العلاقات السعودية ـ الأمريكية، الذي يتمحور حول الجانب الأمني، والتحالف الإستراتيجي.
المسار الملحوظ للتذبذب في العلاقات مرتبط بالجانب الاقتصادي، إذ تعدُّ السعودية أكبر مصدر للطاقة في العالم، ولها أن تصدرها إلى حيث شاءت من الدول، ومن بينها الصين، بمعني أن السعودية تراعي مصالحها الاقتصادية، وهذا لا يعني إطلاقًا تحولاً في العلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، التي لا يمكنها أن تتخلَّى عن المنطقة، بسبب موقعها الجغرافي، ودورها الأمني الأساسي، والتعامل مع الأحداث، أما الصين فليس لديها الرغبة بأن تكون حليفًا أمنيًا لدول المنطقة لسببين، الأول: تاريخي يتمثّل في غيابها التاريخي عن المنطقة، والسبب الثاني: أنَّ علاقاتها مع جميع دول المنطقة أفقية، فهي لا تتدخل في الصراعات الإقليمية في المنطقة.
غالبًا ما تصور وسائل الإعلام الغربية علاقات الصين الطبيعية مع الشرق الأوسط على أنها تشكل تحدِّيًا لهيمنة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ما رأيك؟
هذا غير صحيح. هناك تباين في المنافسة الأمريكية الصينية من الناحية الاستراتيجي. يركز الوجود الصيني في الاقتصاد، في حين أن الوجود الأمريكي هو وجود أمني يقوم على تحالفات إستراتيجية واقتصادية، إلى جانب تاريخ طويل من العلاقات المباشرة. أما الوجود الصيني فيركز في التنمية الاقتصادية المنبثقة عن مبادرة الحزام والطريق.
ما نوع الفرص والتأثيرات التي تعتقد أن مبادرة الحزام والطريق جلبتها إلى المملكة العربية السعودية ودول أخرى في الشرق الأوسط؟
أعتقد أن مبادرة الحزام والطريق تنسجم مع رؤية السعودية 2030، والفوائد متوقعة دائمًا. ومن الأمثلة على التقارب بين المشروعين، ما اتّخذته المملكة من خطوات لإحياء مشروع طريق الحرير، من خلال إنشاء شركة طريق الحرير السعودية في منطقة جازان، حيث يوجد كثير من الشركات الصينية، التي تعمل في مجالات الطاقة والمقاولات، وغيرها من المجالات.
هذه المنطقة هي واحدة من الأذرع الاقتصادية الجديدة للمملكة، التي ستسهم في جذب كثير من الاستثمارات الأجنبية في مختلف المجالات: الزراعة، والسياحة، والصناعة، إلخ.
يشهد الرئيس شي القمة الأولى للصين والدول العربية والصين- القمة الخليجية في الرياض، ما القوة الدافعة لتوثيق التعاون بين الصين والدول العربية؟
من المتوقع أن تكون هناك رغبة في هذه القمم لتوثيق العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، والتي لها الأهمية نفسها في الوقت الحاضر في تعزيز العلاقات الصينية العربية، إذ من المتوقع أن يكون لديهما وضع أفضل في المستقبل، إذا بذلت الدول العربية والصين جهودًا مشتركة لتعزيز مبادرة الحزام والطريق، وهي إطار دبلوماسي واقتصادي قائم على مبدأ التشاور الواسع، والمساهمة المشتركة، والمنفعة المتبادلة.
كما سيتم تحديث التعاون العملي في مجال الطاقة، مثل: إنشاء البنية التحتية الأساسية، وتسهيل التجارة والاستثمار بوصفهما جانبين مهمين لهذا التعاون، وتبادل التقنيات العالية والجديدة في مجالات الطاقة النووية والطاقة المتجددة، وتقنيات الأقمار الصناعية الفضائية.
تتطلع الصين ودول المنطقة إلى تعاون أوثق وأعمق في المستقبل، من خلال عدة مجالات مهمَّة، على سبيل المثال: الثقة السياسية المتبادلة، والتعاون الأمني، والتعاون التنموي والاقتصادي والتجاري، والتواصل الحضاري، والمصالح المشتركة.
هل يمكنك الحديث علاقاتك مع الصين بإيجاز؟ على سبيل المثال، متى بدأت دراسة الصين؟ ما الموضوعات المتعلِّقة بالصين التي تثير اهتمامك أكثر؟
نعم، لدي علاقة طويلة الأمد مع الصين والصينيين، بدءًا من دراستي في بكين في الجامعة في عام 2007م حتى يومنا هذا.
مكثت في بكين ست سنوات، تعلمت خلالها اللغة الصينية، وكوّنت صداقات رائعة، وتعرفت أيضًا إلى الصين والصينيين من كثب. تعرفت إلى ثقافة الشعب الصيني واهتماماته، وأعمل حاليًا في مركز البحوث والتواصل المعرفي مديرًا لوحدة الصين والشرق الأقصى.
أما بالنسبة إلى الموضوعات التي تهمني والمتعلِّقة بالصين، فهي جميع مجالات المعرفة، مثل: الحضارة والثقافة، ومؤخرًا الاقتصاد
0 تعليق