شارك مدير وحدة الدراسات الصينية بمركز البحوث والتواصل المعرفي أ. هيثم بن محمود السيد، مؤخرًا، بالمنتدى السياسي للشباب الصيني العربي الذي عقدته افتراضياً دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وشارك فيه قادة أكثر من ستين حزبا ومنظمة سياسية من سبع عشرة دولة عربية فضلا عن العديد من السياسيين والباحثين الشباب.
وتناولت ورقة أ. هيثم محمود السيد التي شارك بها في المنتدى مرحلة الإصلاح والانفتاح والاستقرار في الصين (1978-حتى الآن)، ومجاذبة هذه المرحلة مع الحالة العربية المعاصرة، وخصوصًا في ذهنية الشباب العربي، حيث أكد أن سياسة الإصلاح والانفتاح في عام 1978م، أسهمت في تبني الإصلاحات الداخلية والانفتاح على العالم الخارجي، وشملت هذه المرحلة تحسينات في الجوانب الاقتصادية مع تبني الصين لمبدأ “الاشتراكية ذات الخصائص الصينية” التي تعرّف بأنها تطبيق لنظريات الاشتراكية الماركسية اللينينية والأفكار الماوية بما يتلاءم مع الظروف الموضوعية للصين خلال فترات زمنية معينة، واستمر التحول الصيني على أرض الواقع بإنشاء مدن اقتصادية خاصة كمدينة شنجن لجذب الاستثمارات الأجنبية وتهيئة البيئة المناسبة لنقل خطوط الإنتاج للبر الرئيسي الصيني، وهي رحلة نجاح تجني الأمة الصينية ثمارها حتى وقتنا الحاضر.
مشيرًا إلى أن هذه المقومات الجغرافية والاقتصادية جعلت من الصين قبلةً للاستثمارات العالمية، فالكثير من الشركات العالمية نقلت خطوط إنتاجها إلى البر الرئيسي الصيني لكسب أكبر سوق استهلاكية عالمياً، حيث يقدر عدد السكان في الصين بـ مليار وأربعمائة مليون نسمة تنساب في أطيافها أكبر (طبقة متوسطة الدخل) في العالم. وعلى الجانب الآخر، دعمت الحكومة المركزية الشركات المحلية، وذلك بتمكينها داخلياً من خلال نقل التقنية إلى الداخل الصيني، فأخرج لنا هذا التوافق بين الشركات الصينية والحكومة الصينية شركات عملاقة كان لها الفضل في تطور الصناعات العالمية وجودتها، وصنعت التنافس العالمي في عدة مجالات، وهذا كله يصب في مصلحة المستهلك النهائي.
أما على الجانب الدبلوماسي، فأبان أن الصينيين لم يكن لديهم جينات استعمارية، وهم في سعي دائم وحثيث إلى إحلال السِّلم العالمي، ولعل سور الصين العظيم وبناءه لحماية الأمة الصينية من الغزو الخارجي خيرُ مؤشر على هذا التوجه.
وقال السيد: “مع بداية القرن الحادي والعشرين التفتت الصين بشكل أكبر إلى التنمية ودفعت شعبها لهذا الاتجاه، وخلال العقديين الماضيين لم تدخل الصين أي صراع عسكري مع قوى أخرى، وكان أبرز أهداف الصين في الأعوام الماضية هو جودة الحياة لشعبها”.
وأضاف: “تحقق هذا الهدف في العام الماضي، إذ أعلنت الحكومة المركزية تحقيق معجزة اقتصادية تمثلت في القضاء على الفقر وإنقاذ أكثر من 98.9 مليون شخص من براثن الفقر المدقع، وكان هذا الهدف هاجساً بدأ يتبلور لدى المسؤولين الصينين مع بداية القرن الحالي”.
وبيّن أن ما وصلت إليه الصين من معجزات اقتصادية واجتماعية وسياسية، يعد محفزاً للدول العربية لتحذو حذوها، خصوصاً مع تبني الصين هذه الإصلاحات بما يتوافق مع بيئتها ووفق تاريخها وخصائصها، دون الاستعانة بالنموذج الغربي غير المتوافق معها جملةً وتفصيلاً.
وأشار مدير وحدة الدراسات الصينية بمركز البحوث والتواصل المعرفي إلى حديث صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار 2018 عندما ذكر أن: “الدول العربية شهدت تطوراً كبيراً على مستوى اقتصادها في السنوات الماضية، والشرق الأوسط سيكون أوروبا الجديدة خلال 5 سنوات قادمة” وأضاف سموه “هذه حربي التي أقودها ولا أريد أن أفارق الحياة إلا وأنا أرى الشرق الأوسط مثل أوروبا”.
وأكّد على أن لدى أغلب الدول العربية في وقتنا الحاضر رؤى تنموية تتمحور حول التنمية، والاستقرار السياسي، والقضاء على الفقر، ونقل التقنية، وتمكين الشباب، وتمكين المرأة. والصين لها باع طويل في ذلك ولديها أيضاً مبادرة الحزام والطريق التي تدعم بشكل كبير هذا التوجه.
وختم ورقته بتوقعه أن تتكامل العلاقات العربية الصينية، وتتطور في هذا الاتجاه من خلال منتدى التعاون العربي الصيني، منوهًا بدور مراكز الفكر والبحوث والجامعات والمؤسسات الحكومية في تقريب وجهات النظر وخلق بيئة مناسبة للارتقاء الثقافي والفكري بين الدول العربية والصين.
0 تعليق