صدر حديثًا عن مركز البحوث والتواصل المعرفي، الرياض ومؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات، تونس كتاب «المشهد الموريسكي.. سرديات الطرد في الفكر الاسباني الحديث» للدكتور حسام الدين شاشية.
يحلل الكتاب مُختلف التمثلات الإسبانية والعربية للتاريخ الموريسكي منذ بداية الفترة الحديثة إلى اليوم، والبحث في تطور حضور هذا التاريخ في النصوص الأدبية والإخبارية الإسبانية للعصر الذهبي (القرنين 16 و 17).
ويدرس التناول الإسباني والعربي للمسألة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، أي من خلال النصوص ذات الطبيعة التاريخية، والصحف، وأدب الرحلة، والروايات والمسرحيات، كما يبحث في التمثل العربي التاريخي والأدبي المعاصر للتاريخ الموريسكي وكيف تطور كمّاً ونوعاً.
حاول مؤلف «المشهد الموريسكي » البتَّ في تشكُّل الرؤية التي حملها الكتّاب الإسبان حول هذا الموضوع على امتداد أربعة قرون، قاصدًا رسم ما وسمه تأسّيًا بجون لويس غاديس بـ «لوحتها لتاريخية الخاصة »، موازيًا وفق عبارة بول ريكور الرائقة بين “الفائض من الذاكرة هنا، والفائض من النسيان هناك “، في محاولة للكشف عمّا يتخفَّى وراء قلق المجتمع الإسباني وتوتره حيال المعضلة الموريسكية، ورصد مواضع التلاعب بالذاكرة وتعرية خلفياتها.
وضمن هذا الإطار خصّص القسم الافتتاحي للخطابات الدينية التبريرية لقرار الطرد، والتعرض إلى تأرجح المصادر الإخبارية الإسبانية للقرن السادس عشر بين دواعي الإنكار وضرورات القراءة في سياقات ثورات الموريسكيين بغرناطة وبلنسيّة وفق ما كشفت عنه مؤلفات أورتادو دي ميندوثا، وخينيس بيراث دي هيتا، ولويس ديل مارمول كربخال، وأنطونيو كورال إي روخاس، مع التشديد على سقوط تلك المعالجات في التحقير والدونية وانعدام الثقة في نصرانيَّة تلك الجماعات المضطهدة وسحقها الثقافي وتعمُّد جبّ جميع ما شكَّل تأصيلاً لشخصيتها وثقافتها العربية والإسلامية.
لم تخرج مواقف الشعراء المعاصرين إزاء قرار الطرد هي أيضًا من موقع العداء المُعلن، وغابت عنها الصور الشعرية المبتكرة، فيما عدا قصائد غاسبار أغي الر، تلك التي لم تخل في عدة مواقع من حضور إعجاب بشجاعة العربي وفروسيته، في حين سقطت بقية الأشعار في نوع من السرد المباشر للوقائع والأحداث، وغطَّت، على شاكلة الصحف السيَّارة، نبض المواقف الرسمية المتشدّدة للحكام ورجال الكنيسة.
0 تعليق