البحوث والتواصل” يستقبل أكاديميًا روسيًّا رفيع المستوى

البحوث والتواصل” يستقبل أكاديميًا روسيًّا رفيع المستوى

استقبل مركز البحوث والتواصل المعرفي في مقره بالرياض، مؤخرًا، البروفسور الروسي ألكسندر لوكين، الرئيس الأكاديمي لمعهد الصين وآسيا المعاصرة التابع للأكاديمية الروسية للعلوم، في إطار حلقة نقاش تناولت ملامح التحول في العلاقات الدولية من منظور روسي- صيني.

وشهدت حلقة النقاش حضور نخبة من أكاديميين وباحثين وإعلاميين سعوديين وروسيين وصينيين، وتخللتها جلسة غداء نقاشية. وناقش المجتمعون أبعاد التقارب الروسي-الصيني في ظل التحولات العالمية، خصوصًا ما يتصل بمحاولات البلدين تأسيس توازن إستراتيجي في مواجهة الهيمنة الغربية.

وتطرقت المداخلات إلى جهود روسيا والصين لبناء نظام دولي لا يقوم على التبعية، بل على الشراكة المتعددة الأقطاب، مستعرضين التحديات البنيوية أمام هذا التوجّه، ومواقف الولايات المتحدة وحلفائها من إعادة تشكيل خرائط النفوذ الجيوسياسي.

وفي سياق الحديث عن التحالف الإستراتيجي بين موسكو وبكين، تناولت الحلقة التداخل بين الرغبة السياسية في التقارب والحاجة الموضوعية التي تمليها التحولات العالمية، ولاسيما في المجالات الاقتصادية والعسكرية والتقنية، فضلًا عن أهمية تنسيق السياسات الخارجية بين الجانبين.

وقد اختُتِم اللقاء بالتأكيد على أهمية تعزيز الحوار العلمي بين المؤسسات البحثية في السعودية وروسيا، وفتح قنوات تعاون معرفي في دراسة التحولات العالمية، بما يسهم في بناء رؤى متعددة ومتوازنة لفهم التفاعلات الدولية المعاصرة.

يُذكر أن لوكين أحد الباحثين البارزين في معهد الشؤون الدولية بمعهد موسكو الحكومي للعلاقات الدولية (MGIMO)، وقد تولى في تسعينيات القرن الماضي رئاسة اللجنة الفرعية للعلاقات بين الأقاليم في مجلس مدينة موسكو، وكتب عددًا من المؤلفات والمقالات حول العلاقات الدولية، والصين، وروسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي.

وتُعد زيارة لوكين، الذي يشغل أيضًا منصب رئيس قسم العلاقات الدولية في المدرسة العليا للاقتصاد بجامعة الأبحاث الوطنية الروسية، وأستاذ كرسي في قسم الشؤون العامة بجامعة تشجيانغ الصينية، تُعد محطةً مهمة في علاقات التواصل بين المركز والأكاديميين الروس؛ نظرًا إلى خبرته الطويلة في الشأنين الروسي والصيني، وعمله السابق في وزارة الخارجية السوفييتية والسفارة السوفييتية لدى بكين.

الصين متابعات خارجية

الصين متابعات خارجية

استطاعت جمهورية الصين الشعبية أن تفرض نفسها بوصفها قطباً عالمياً لايمكن تجاوزه في الحسابات العالمية وفي مختلف المجالات، نظراً للتطور الذي تشهده، والمساهمات الدولية التي جعلت منها رقماً لا يمكن تجاوزه.
ومن هذا المنطلق، يقدم مركز البحوث والتواصل المعرفي هذه النشرة التي يتابع من خلالها أخبار الصين للاستفادة منها عبر متابعة أنشطتها، ورصد فعالياتها الخارجية.

ويمكن تصفح العدد كاملاً عبر موقع مركز البحوث والتواصل المعرفي بالنقر هنا

الركب: صراع الهوية والمكان

الركب: صراع الهوية والمكان

صدر عن مركز البحوث والتواصل المعرفي كتاب (الركب: صراع الهوية والمكان) للأستاذ الدكتور عباس صالح طاشكندي، في 346 صفحة من القطع المتوسط، وقُسم الكتاب إلى خمسة فصول، سبقها زبدة الكتاب، ثم تقديم للمحقق الكبير الأستاذ الدكتور بشار عواد معروف، ثم مقدمة الكتاب، كما تلا فصول الكتاب الخمسة خاتمة، وكشاف علمي عام، مرتب بحسب حروف المعجم.

ومن المعلوم أنَّ الرَّكب، وسيلةٌ لانتقال الحجيج والمعتمرين والزائرين إلى المشاعر المقدَّسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وفي عرفات، والمزدلفة، ومنى، ومن هذا الواقع فهو مصطلح تَجَذَّر في الذهنيَّة الشعبيَّة لقرون، ليس في مجتمع الحجاز فحسب، بل في المجتمعات الإسلامية كافة، حتى كانت المجموعات البشرية القادمة لأداء الفريضة، تلتحق كلُّ مجموعة منها بركبٍ يحمل هوية الجهة التي ينتمي إليها.

انقسمت هوية تلك الأركاب الحجيَّة إلى فئتين: الأولى ركب السلطة، تسيِّره سلطات الهيمنة والنفوذ والولاية على الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، وله النفوذ الكامل على الأركاب كافة. الثانية أركاب تابعة، وتكون في الأغلب الأعم، تحت إمرة ركب السلطة والهيمنة ونفوذه، تفرض عليها ما تشاء.

لقد كان ركب الحجيج، على اختلاف انتماءاته، وسيلةً للتواصل العلمي بين العلماء من كلِّ أرجاء العالم الإسلامي وبلاد الحرمين الشريفين، فما من ركبٍ إلا وقد ضمَّ عددًا من العلماء الكبار، يتواصلون في مسيرتهم مع علماء البلاد التي تقع في دروب حجهم، حتى وصولهم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، فيلتقون بعلماء الحرمين الشريفين، ويتواصلون معهم علميّاً في ساحات الحرمين الشريفين.

وقد كتب الأستاذ نجيب يماني مقالاً عن الكتاب في صحيفة عكاظ، بعددها الصادر يوم الاثنين، 3/مارس/2025م، تحت عنوان: الركب.. خبايا ومقاربات عباس طاشكندي، يقول فيه:

“ظلّت مفردة «الرّكب» قرينة في خاطري، بنتفٍ من أحاديث ومرويات، طرقت أذنيّ في باكر صباي، وقرأت عنها بشوق في بعض المنشورات المتفرقة، فارتسمت لها في مخيلتي مشاعر متفاوتة بين الحنين للماضي، والفخر بأصحابه في عظيم ما ورّثوه من طائف الحب والشّوق إلى الحرمين الشريفين، في رحلة بين مكّة المكرمة والمدينة المنوّرة، نضّت عن زاهي الصور، وبديع المواقف، وصائل الحب الفيّاض..

هكذا كانت صور «الرّكب» في مخيلتي، غير أن الأستاذ الدكتور عبّاس صالح طاشكندي، قد هزّ هذه الصورة هزّاً في داخلي، وحملني إلى النّظر في أبعاد ما خطرت ببالي من قبل، وذلك طيَّ كتابه الماتع الجميل: “الرّكب.. صراع الهويّة والمكان”، فأوّل ما استوقني عنوان الكتاب، ومفردة «صراع» على وجه التحديد، بكل حمولتها المحتشدة بمتوقعات المشاكسة والمعاكظة والمدافعة والتنافس، وكل مستنسلات المرادف من طوابق هذه الكلمة في القاموس الدال على فحواها، وهو أمر يخالف بشكل جذري كل ما وقر في خاطري من أليف الصور، ودافئ المشاعر، وجائش الحنين حول «الرّكب»، فما خرجت الصورة عندي عن تجمّع «المكاويين» ومن رافقهم في رحلة الشوق إلى المدينة المنوّرة، لشرف المثول بين يدي سيدنا رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، والصلاة في الروضة الشريفة، والتمتّع بزيارة كافة المشاهد التي ترتبط بعهد الإسلام في أوّله، وقد أبدع من وصف ذلك الركب في مشهد مسيره، وما مرّ به في طريقه، ولحظة وصوله، وما يسيل من مشاعر الترحاب والسرور والفرح والوجد، في مقامٍ تصان فيه الآداب، ويعظم فيه الأجر، وتُرعى فيه الحرمات.. والحال كذلك مع رحلة «المدنيين» إلى بيت الله الحرام، في الأرض المقدسة لأداء العمرة، والاستمتاع بمكة المكرمة، ومشاهد أرض الوحي، وحضينة البيت العتيق..
هذا هو المسرح الذي ظلّ بندول «الرّكب» يتراوح فيه في مخيلتي ووعيي..غير أني مع الأستاذ البريع الدكتور طاشكندي، وقفت على عالم جديد، وهو يغوص عميقاً مستجلياً أبعاداً تاريخية غاية في الأهمية حول «الرّكب»، ودوره في تاريخ المسلمين، وخروجه في كثير من المواقف عن معناه الديني التعبّدي، إلى مفاهيم سياسية غاية في التعقيد.. وأبلغ تلخيص لها قول المؤلف في زبدة الكتاب: «الرّكب: ظاهرة أفرزتها الصراعات، وظروف الزمان، وتجاوزتها مظاهر الأمن والأمان، وهوية المكان»، إن هذه الخلاصة التي تطالعك في الصفحات الأولى من الكتاب، لا شك، ستشحن خاطرك بحدوس متقاطعة، وظنون متفاوتة، وتوقعات تخالف ما وطّنت نفسك على فهمه سلفاً، وهو ما يمتعك في سرده والتعريف به الدكتور طاشكندي في فصول الكتاب الخمسة..
ولست هنا بصدد تلخيص هذا الكتاب، فمثل هذه الأسفار التاريخية، لا عوض عن مطالعتها بروية ومكث، ومدارستها بتأمل وبصيرة واعية، لما تنطوي عليه من مراجعات تاريخية غاية في الأهمية، واستجلاء لصور مشوّشة أو مغلوطة أو محرّفة في بعضها، فضلًا عمّا تنطوي عليه نتائجها من تأثير بالغ الأهمية في حاضرنا، بما يعني بداهة انسراب ذات التأثير إلى المستقبل في مأمولاته المرتجاة، ومتوقعاته المنتظرة.

أقول هذا؛ وفي ظني أن أهمّية هذا الكتاب تتجلّى في إلماحة مؤلفه الدكتور طاشكندي، الذكية، وخلوصه البديع، إلى عقد آصرة المقاربة بين مظاهر «الصراع» حول «الرّكب» في كافة العصور السابقة، من مبتدأ عهده حين «كان المحمل عملاً مبتدعاً، يعود للعصر العباسي، حين اتخذه الحُكّام لاحقاً رمزاً وشارة من رموز الخلافة وشاراتها، وعلامة من علامات هيمنتهم على أمور الحرمين الشريفين»، مروراً بالعصر المملوكي، وقد «اتّسم بالتوسّع في وضع المظاهر الاحتفالية الكثيرة على طقوس المحمل، وإحاطته بصور هزلية غطاءً للأهداف السياسية لسلاطين المماليك في بسط نفوذهم على الحجاز»، ونهج المؤلف في قراءته البصيرة حول الأحداث استجلاء و«رصد الوقائع التي عانى منها الحجيج بعد انتقال الولاية من مكة المكرمة والمدينة المنورة في عهد النبوة والخلافة الراشدة إلى الأمويين، والعباسيين، والدول المنشقة عنهم».. إلى أن تبلغ آصرة المقاربة قمتها وذروتها وسنام غايتها في وصول الكاتب إلى مظاهر الرّكب عند قيام الدول السعودية، وقد جعلت من الاستقرار الاجتماعي، وتأمين قوافل الحجّاج مناط مسؤولياتها، وغاية جهدها..
فقارئ هذا الكتاب حرّي به أن يستطيل الوقفة، ويستطيب المقام في هذا الفصل الختام من الكتاب، فهو ملخص ما انتهى إليه الرّكب، ليدرك المعاني العظيمة والغايات النبيلة التي أرستها الدولة السعودية، وخاصة في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، طيّب الله ثراه، وقد «أعاد الأمور إلى أصلها وأساسها الشرعي، وحرّرها من كلّ مظاهر البدع والفرقة والاستغلال، فأمِنَ الحجّاج على أنفسهم وأعراضهم»، وبلغت العناية بالحرمين الشريفين، وسبل الوصول إليها درجات من الأمان لم تبلغها في السابق..؛ وعلى هذا يُقرأ الكتاب، ويُنظر في رحلته الماتعة، ونتائجه المبينة لأقدار الرجال، وصنيعهم، وما تركوا في ذاكرة التاريخ، ليُحكم عليهم بميسم العدل في تفاوت صنائعهم..
أشكر الدكتور عباس طاشكندي أن خصّني بإهداء تقصر قامتي عن بديع ما جاء فيه، وأرجو أن تكون في هذه الإشارات البوارق العجلى ما يحفّز الجميع لاقتناء هذا الكتاب ومطالعته بوعي، ومدارسته بالنقد المثري ونرى المزيد من مثل هذه الإصدارات التي تؤرخ وتدون لفترات سابقة من حياتنا”.

التواصل المعرفي يصدر تقريرًا تفصيليّاً عن أنشطة المركز الخاصة بجمهورية الصين الشعبية

التواصل المعرفي يصدر تقريرًا تفصيليّاً عن أنشطة المركز الخاصة بجمهورية الصين الشعبية

تميز مركز البحوث والتواصل المعرفي في عدة مجالات، ومنها تعزيز التبادل العلمي والثقافي مع عدد من بلدان العالم، وتأتي العلاقات السعودية الصينية في مقدمتها، وقد اتسمت تلك العلاقات بروح المبادرة التي جعلت للمركز صيتًا ذائعًا في المحافل الثقافية والعلمية الصينية، ولأنشطته وبرامجه أصداء واسعة، وهذا ما دفع مراكز بحثية وجامعات صينية للتعاون مع المركز في مبادرات نوعية غير مسبوقة، أثمرت بحوثًا مشتركة وإصدارات مؤلَّفة ومترجمة، وفعاليات وبرامج علمية وثقافية أسهمت في تعزيز التعاون لتحقيق أهداف الرؤية السعودية 2030، ومبادرة الحزام والطريق.

ويأتي هذا الإصدار الذي يحمل عنوان “الصين في إسهامات المركز” ليقدِّم تقريرًا مفصلاً وشاملاً وموثقًا عن أنشطة المركز الخاصة بجمهورية الصين الشعبية.

للاطلاع على التقرير كاملاً فضلًا أنقر هنا…

في لقاء مع “جلوبال تايمز” الصينية.. مدير وحدة الصين بمركز “التواصل المعرفي” مبادرة الحزام والطريق تنسجم مع رؤية المملكة 2030

في لقاء مع “جلوبال تايمز” الصينية.. مدير وحدة الصين بمركز “التواصل المعرفي”
مبادرة الحزام والطريق تنسجم مع رؤية المملكة 2030

“مبادرة الحزام والطريق (BRI) تنسجم مع رؤية السعودية 2030، والفوائد متوقعة دائمًا”، هذا رأي أبداه مدير وحدة الصين والشرق الأقصى في مركز البحوث والتواصل المعرفي فهد المنيعي، الذي أكد أنَّه إذا بذلت الدول العربية والصين جهودًا مشتركة لتعزيز مبادرة الحزام والطريق، فسيكون هناك وضع أفضل في المستقبل
في الوقت الذي يزور فيه الرئيس الصيني شي جين بينغ المملكة، جاءت هذه المقابلة من مراسلي جلوبال تايمز (جي تي) يو جينكوي وشينغ شياو جينغ مع المنيعي في الرياض، لمعرفة وجهات نظره حول كيفية تعاون البلدين بشكل أفضل في إطار مبادرة الحزام والطريق، فضلاً عن تعميق العلاقات العربية الصينية.

في عام 2016م، عندما زار الرئيس شي جين بينغ المملكة العربية السعودية، تم الارتقاء بالعلاقات الصينية السعودية إلى شراكة إستراتيجية شاملة. شي يزور السعودية مرة أخرى، والسعودية هي الدولة العربية الأولى التي يزورها بعد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني، كيف نفهم أهمية هذه الزيارة للعلاقات الثنائية؟
لا شك أنَّ هذه الزيارة تاريخية؛ لأنَّ المملكة العربية السعودية تقدر علاقتها مع الصين، خصوصًا وجود الرئيس الصيني في الرياض، وسيكون هناك مزيد من التحسُّن في العلاقة، وهي متعددة الأوجه، تراوح بين التجارة والثقافة.
في الواقع، إنَّها تبادل مصالح بين البلدين، فضلاً عن علاقة صداقة عميقة. الصين هي الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، مما يسهم في تطوير هذه العلاقة، وستسفر القمة عن نتائج مهمة تتطلع إليها الصين في المنطقة، كما الحال بالنسبة إلى المملكة.
كيف تقيمون التعاون بين الصين والسعودية خلال السنوات الست الماضية؟ في رأيك، ما المجالات التي يمكن للجانبين تعميق تعاون فيها؟
بلغ التعاون بين الصين والسعودية ذروته في السنوات القليلة الماضية، ونجحتا في تأسيس عدة شركات ناجحة في مشروعات الطاقة والصناعات المتطوّرة وغيرها، أما المجالات التي ينبغي على الجانبين تعميقها، فتتمثَّل في الاستثمار في مشروعات عملاقة في المملكة، مثل: مشروع نيوم (مدينة تربط آسيا وأفريقيا وأوروبا يجري بناؤها في منطقة تبوك في شمال غرب المملكة العربية السعودية)، والاستثمار في السعودية من خلال الشركات الصينية سيكون بلا شك مفيداً لاقتصاديات البلدين.
هل يمكن القول إن هناك تراجعًا في العلاقات السعودية الأمريكية؟
علاقة السعودية بأمريكا علاقة تاريخية تمتدُّ لأكثر من 80 عامًا. ولا يمكن زعزعة الجانب الأقوى في العلاقات السعودية ـ الأمريكية، الذي يتمحور حول الجانب الأمني، والتحالف الإستراتيجي.
المسار الملحوظ للتذبذب في العلاقات مرتبط بالجانب الاقتصادي، إذ تعدُّ السعودية أكبر مصدر للطاقة في العالم، ولها أن تصدرها إلى حيث شاءت من الدول، ومن بينها الصين، بمعني أن السعودية تراعي مصالحها الاقتصادية، وهذا لا يعني إطلاقًا تحولاً في العلاقات الإستراتيجية مع الولايات المتحدة، التي لا يمكنها أن تتخلَّى عن المنطقة، بسبب موقعها الجغرافي، ودورها الأمني الأساسي، والتعامل مع الأحداث، أما الصين فليس لديها الرغبة بأن تكون حليفًا أمنيًا لدول المنطقة لسببين، الأول: تاريخي يتمثّل في غيابها التاريخي عن المنطقة، والسبب الثاني: أنَّ علاقاتها مع جميع دول المنطقة أفقية، فهي لا تتدخل في الصراعات الإقليمية في المنطقة.

غالبًا ما تصور وسائل الإعلام الغربية علاقات الصين الطبيعية مع الشرق الأوسط على أنها تشكل تحدِّيًا لهيمنة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ما رأيك؟
هذا غير صحيح. هناك تباين في المنافسة الأمريكية الصينية من الناحية الاستراتيجي. يركز الوجود الصيني في الاقتصاد، في حين أن الوجود الأمريكي هو وجود أمني يقوم على تحالفات إستراتيجية واقتصادية، إلى جانب تاريخ طويل من العلاقات المباشرة. أما الوجود الصيني فيركز في التنمية الاقتصادية المنبثقة عن مبادرة الحزام والطريق.
ما نوع الفرص والتأثيرات التي تعتقد أن مبادرة الحزام والطريق جلبتها إلى المملكة العربية السعودية ودول أخرى في الشرق الأوسط؟
أعتقد أن مبادرة الحزام والطريق تنسجم مع رؤية السعودية 2030، والفوائد متوقعة دائمًا. ومن الأمثلة على التقارب بين المشروعين، ما اتّخذته المملكة من خطوات لإحياء مشروع طريق الحرير، من خلال إنشاء شركة طريق الحرير السعودية في منطقة جازان، حيث يوجد كثير من الشركات الصينية، التي تعمل في مجالات الطاقة والمقاولات، وغيرها من المجالات.
هذه المنطقة هي واحدة من الأذرع الاقتصادية الجديدة للمملكة، التي ستسهم في جذب كثير من الاستثمارات الأجنبية في مختلف المجالات: الزراعة، والسياحة، والصناعة، إلخ.
يشهد الرئيس شي القمة الأولى للصين والدول العربية والصين- القمة الخليجية في الرياض، ما القوة الدافعة لتوثيق التعاون بين الصين والدول العربية؟
من المتوقع أن تكون هناك رغبة في هذه القمم لتوثيق العلاقات الاقتصادية بين الجانبين، والتي لها الأهمية نفسها في الوقت الحاضر في تعزيز العلاقات الصينية العربية، إذ من المتوقع أن يكون لديهما وضع أفضل في المستقبل، إذا بذلت الدول العربية والصين جهودًا مشتركة لتعزيز مبادرة الحزام والطريق، وهي إطار دبلوماسي واقتصادي قائم على مبدأ التشاور الواسع، والمساهمة المشتركة، والمنفعة المتبادلة.
كما سيتم تحديث التعاون العملي في مجال الطاقة، مثل: إنشاء البنية التحتية الأساسية، وتسهيل التجارة والاستثمار بوصفهما جانبين مهمين لهذا التعاون، وتبادل التقنيات العالية والجديدة في مجالات الطاقة النووية والطاقة المتجددة، وتقنيات الأقمار الصناعية الفضائية.
تتطلع الصين ودول المنطقة إلى تعاون أوثق وأعمق في المستقبل، من خلال عدة مجالات مهمَّة، على سبيل المثال: الثقة السياسية المتبادلة، والتعاون الأمني، والتعاون التنموي والاقتصادي والتجاري، والتواصل الحضاري، والمصالح المشتركة.
هل يمكنك الحديث علاقاتك مع الصين بإيجاز؟ على سبيل المثال، متى بدأت دراسة الصين؟ ما الموضوعات المتعلِّقة بالصين التي تثير اهتمامك أكثر؟
نعم، لدي علاقة طويلة الأمد مع الصين والصينيين، بدءًا من دراستي في بكين في الجامعة في عام 2007م حتى يومنا هذا.
مكثت في بكين ست سنوات، تعلمت خلالها اللغة الصينية، وكوّنت صداقات رائعة، وتعرفت أيضًا إلى الصين والصينيين من كثب. تعرفت إلى ثقافة الشعب الصيني واهتماماته، وأعمل حاليًا في مركز البحوث والتواصل المعرفي مديرًا لوحدة الصين والشرق الأقصى.
أما بالنسبة إلى الموضوعات التي تهمني والمتعلِّقة بالصين، فهي جميع مجالات المعرفة، مثل: الحضارة والثقافة، ومؤخرًا الاقتصاد